مقالات

تفسيرات متعايشة!

كتب جاسب عبدالمجيد
عندما قام الطبيب كريستيان برنارد بإجراء أول عملية زراعة قلب بشري للويس واشكانسكي في كانون الأول عام 1967, توفي المريض بعد 18 يوما من الالتهاب الرئوي , وفي كانون الثاني عام 1968, نجح الطبيب برنارد في زرع قلب بشري للمريض فيليب فلايبيرج في مستشفى خروت شور في مدينة كيب تاون, جنوب أفريقيا.
كان بلايبيرج من البيض الأثرياء, وكان صاحب القلب المُتبرع به شاب أسود اسمه كلايف هوبت, حيث وافقت عائلته على التبرع بقلبه بعد إعلان موته سريريا. تمت عملية الزرع بنجاح في أوج مراحل التمييز العنصري, حيث كان البييض يعدون أعضاء جسم الشخص الأسود أقل كفاءة من الأبيض.
عندما عاش فيليب بلايبيرج ,الرجل الأبيض, بقلب فتى أسود, اكتشف الناس في جنوب أفريقيا كذبة الفروقات بين أعضاء أجساد السود والبيض, لذلك تجمع البيض والسود معا في جنازة كلايف هوبت, لكن الحكومة العنصرية فرّقتهم باستخدام الهراوات والكلاب البوليسية.
أكثر من 6000 فرد من البيض والسود تجمعوا لأول مرة في تاريخ جنوب أفريقيا بعد أن أدركوا عدم وجود فروقات بين أعضاء البشر, وأن الفروقات المزعومة صناعة سياسية.
هكذا فسّر البيض في جنوب أفريقيا وجود قلب رجل أسود ينبض بحيوية في صدر رجل أبيض.
في المقابل, جاءت صحافة السود في أمريكا بتفسير مختلف تجاه هذا النجاح, حيث حذّرت الشعب الأسود, من تحويل أعضائهم إلى مواد احتياطية للبيض الأغنياء.
تعايش التفسيران, وكل تفسير أضاف قوة لنظيره.
في قصة “اليوشاء الإناء”, للكاتب الروسي تولستوي, هناك تفسيران متناقضان متعايشان, الأول يرى أن القصة تدعم الطاعة المُبهجة, والعدسة الثانية ترى أن النص يعارض الطاعة المُبهجة.
هناك أكثر من تفسير لحالة واحدة في الحياة وفي كل أنواع الأدب والخيال,ويمكن لهذه التفسيرات المختلفة أن تتعايش من دون أن تترك أثراً سلبياً.
السؤال هنا: هل تتعايش تفسيراتنا في الوسط الأدبي والفني؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى