بقلم : رحال امانوز- الدارالبيضاء / المغرب
ذات صباح يوم بارد من ايام شهر ديسمبر . سمع عبد القادر طرقا شديدا على الباب . نهض من غرفة الجلوس . توجه لفتح باب المنزل . تبعته زوجته يامنة التي كانت في المطبخ . انفتح الباب واندفع داخل البيت . جنديان يحملان على اكتافهما بنادق . نظرا إليهما نظرة شزراء . وكأنها مجرمان ظبطا بارتكاب جرم خطير . قال لهم أحدهما بلهجة حادة : اخرجوا جميعا من البيت ! اركبوا الشاحنة فورا ! سمع الصغيران الجلبة والأصوات الخشنة . اصيبا بالرعب وانخرطا في النحيب . اجابهما عبدالقادر بصوت مبحوح : ولماذا نغادر بيتنا ؟ وإلى أين نذهب ؟ أجابه الجندي ذو الشارب الكث : أنتم مغاربة … وستذهبون إلى بلدكم المغرب … لا مكان لكم بيننا في الجزائر … نزلت عليهم الكلمات كالصاعقة . امروا بالمغادرة على الفور . منعوا من أخذ اي شيء . اخرجوا بالقوة من بيتهم . واركبوا شاحنة مليئة بالعشرات مثلهم . كانت هناك المئات من الشاحنات . المملوءة عن آخرها بالآلاف . متوجهة من الجزائر نحو الحدود المغربية . في مسيرة < كحلة > اي سوداء . صدر القرار الأليم بترحيل . المواطنين ذوي الأصول المغربية . نحو المغرب وذلك عبر القاءهم . ماوراء الحدود دون رحمة او شفقة . بل لم يتمكنوا من أخذ اي شيء معهم .
جردوا من ممتلكاتهم ومساكنهم واموالهم . بل حتى ملابسهم واغراضهم الشخصية . تمت مصادرتها والاستحواذ عليها … انطلقت الآلاف من الشاحنات . في عملية تهجير قسري جماعي . تحمل الآلاف من المواطنين . اطفال ونساء وشيوخ وشباب . اخذوا من بيوتهم . انتزعوا من حقولهم الزراعية . من متاجرهم ومن أماكن عملهم . وأخذ الأطفال من مدارسهم. منهم عمال وفلاحون وتجار وموظفون . الكل سيقوا خارج البلاد . كما تساق الاكباش للذبح . جيرانهم ومعارفهم كذلك . أصيبوا بفاجعة كبيرة . لم يستطيعوا فراق اهلهم واحبابهم . والذين اختطفوا من بين ظهرانيهم … داخل الشاحنات المزدحمة . كان الأطفال يبكون و يستغيثون . النسوة كن ينتحبن في صمت . اما الرجال فكانوا يخفون حسرتهم الشديدة . فقدوا الوطن والماوى وما يملكون . استسلموا لمصيرهم المحتوم . والمستقبل يتراءى لهم مظلما كالحا . لما وصلت الشاحنات الحدود . امرهم الجنود بالنزول والعبور نحو وطنهم . على الجانب الآخر من الحدود . استقبلوا احسن استقبال من طرف إخوانهم. . والذين وفروا لهم المسكن والعمل والدراسة لاطفالهم . تجند الجميع : مسؤولون ومواطنون مغاربة . لإدماج إخوانهم ورعايتهم . وتخفيف الصدمة القاسية على قلوبهم المكلومة .





