مقالات

((رواتبنا.. والتآكل اليومي )) بقلم عبد السادة البصري

 عبدالسادة البصري  / العراق

منذ بدء الخليقة والإنسان أهم وأفضل قيمة مادية ومعنوية في الوجود ، لأنه رأس المال الأعلى والأكبر دائماً، حياته وحقوقه وواجباته تُقرها الدساتير الكونية في كل زمان ومكان رغم كل شيء!

في أول جلسة عقدها البرلمان العراقي عند تشكيله قبل سنوات قرر تحديد راتب النائب ومخصصاته وحقوقه وتم التصويت عليها بالإجماع ، وهذا دليل واضح وملموس على إنهم ــ أقصد البرلمانيين ــ قد فكروا بمعيشتهم من خلال الراتب ومخصصاتهم ، لهذا علينا أن نتحدث وبصراحة تامة: إن الاستقطاع الشهري من رواتب الموظفين والمتقاعدين بكل شرائحهم وفئاتهم والذي تزداد قيمته يوما بعد آخر هو قتل بطيء وبشكل مدروس ومخطط له مسبقاً ،لأن أغلب الموظفين والمتقاعدين ، بل جميعهم يعتمدون بشكل كلي على الراتب ولا يوجد مصدر عيش آخر لهم ، والاستقطاع المتواصل شهريا يعني قطع رزقهم وموتهم جوعاً ، وبالتالي سيفكرون بطريقة أخرى للدفاع عن حياتهم المهددة كل يوم!

رب قائل: إن السبب هو الأزمة المالية التي يمر بها البلد! والجواب: هل الأزمة المالية تؤثر فقط على رواتب الموظفين والمتقاعدين ، أم أنها يجب أن تشمل الجميع وبالأخص البرلمانيين والرئاسات والوزراء والدرجات الخاصة العليا وغيرها؟!

بالتأكيد تشمل الجميع ،ونحن نتحدث عن الأزمة متناسين إن بلدنا يمتلك مؤهلات اقتصادية لن تؤثر عليه أية أزمة مالية مهما كانت .

العراق بلد نفطي وفيه شركات صناعية عملاقة إضافة الى الزراعة والسياحة بكل أشكالها ، بمعنى إذا استطعنا تفعيل هذه الجوانب ــ اقصد الصناعة والزراعة والسياحة ــ وجعلها من أولويات اهتمامنا وتشغيلها إنتاجيا لتفادينا كل أزمة ، واكتفينا ذاتياً بماليتنا واقتصادنا ولن نحتاج قرضاً من هنا أو هناك لنقيد أنفسنا بالديون المالية والأزمات ثم نعكسها على إنساننا الذي يتطلع الى حياة أفضل رغم المعاناة والمآسي التي يعيشها!

علينا أن نفكر بحلٍ ناجعٍ لهذه الأزمة لا أن نخلق منها أزمات ، حيث تجدنا كل يوم في شأن ، والقرار هو استقطاع رواتب الموظفين والمتقاعدين بكل شرائحهم وفئاتهم من شهداء وسجناء سياسيين وحالات اجتماعية أخرى ، وكأننا نقول لهم :ــ عليكم أن تموتوا جوعاً لنعيش نحن أصحاب القرار؟!

المسؤول الذي يفكر في نفسه ويقدم مصلحته على الجميع ولن يفكر بشعبه وإنسانيته وكيفية الخروج من الأزمات وبناء البلد اقتصاديا وعمرانيا وإنسانيا وأمنياً غير كفء بالمسؤولية المناطة إليه أبدا وعليه أن يعتذر عنها ليجيء من هو أفضل منه ويشعر بكل ما يعانيه الناس.

أعيدوا النظر أيها المسؤولون ــ اقصد الجميع من أعلى الهرم السلطوي الى أسفله ــ بقراراتكم هذه وفكروا بما يخدم الناس معيشيا واجتماعيا لأن الإنسان أعلى وأفضل وأغلى رأس مال بالوجود.. رواتب الموظفين والمتقاعدين حياتهم فلا تسلبوها منهم شيئا فشيئا!!


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى