مقالات

عودة الدب الروسي تضع الخليج في مواجهة ايران

خالد العبيد –  
استراليا – كانبيرا
التحركات العسكرية والدبلوماسية التي يقودها الرئيس الروسي ، فلاديمير بوتين ، بشأن الأزمة السورية ، تهدف بوضوح الى سد الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية في الشرق الاوسط هذا ما جاء في صحيفة ” الفايننشال تايمز ” البريطانية التي اكدت بان الدول الغربية كانت تطالب امريكا ومنذ أربعة أعوام بتغيير النظام في سوريا ، ولكنها لم تفعل شيئا في هذا الاتجاه وأشارت إلى أن إحجام الرئيس الأميركي ، باراك أوباما ، عن التدخل العسكري عندما استعمل الجيش السوري السلاح الكيميائي متحديا للخطوط الحمراء أحبط معنويات المعارضة .
                                                                                            رؤية موسكو

موسكو ترى أن واشنطن تسعى إلى إحكام قبضتها على المنطقة ووضع حدا للشراكة العربية المتنامية مع القوى الآسيوية وفى مقدمتها روسيا ، وذلك من خلال إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط جغرافياً وسياسياً ، وإضعاف القوى الإقليمية المهمة العربية وغير العربية الكبرى ، وخلق كيانات ضعيفة يسهل توجيهها ولا تمثل خطرا على مصالحها. وأن تدخل أمريكيا فى سوريا مقدمة ” لصوملتها ” وتفتيتها ، الأمر الذى يُخرج سوريا كما خرج العراق من المعادلة الإقليمية بعد أن كانت فاعلا رئيسيا ومهما بها ، ويفتح الباب أمام تصفية الحسابات القديمة بين الولايات المتحدة وإيران وكسر شوكة طهران.
ويقول التقرير .. لقد كانت الأزمة فى سوريا كاشفة لفاعلية الدور الروسى فى المنطقة ، ومثلت نقطة تحول مفصلية أوضحت استعادة روسيا لمكانتها كقوة كبرى مؤثرة فى شئون المنطقة خاصة بعد المبادرة التى أطلقتها لتدمير الأسلحة الكيماوية السورية مقابل وقف الضربة العسكرية الأمريكية لسوريا وعقد مؤتمر جينيف2، لتنزع فتيل التوتر وتبعد شبح حرب مدمرة كانت تهدد المنطقة بأسرها. ولتبدو روسيا وكأنها تقود مسار الأحداث بعد أن سلمت القوى الدولية والإقليمية الأخرى بالرؤية الروسية القائمة على ضرورة الانتقال السلمى للسلطة كطريق وحيد لتسوية الأزمة السورية واحتواء تداعياتها الكارثية.
وعلى حين تشير مجموعة من المؤشرات إلى أن النفوذ الروسى سوف يتصاعد فى المنطقة خلال المرحلة المقبلة. فقد أكد الرئيس بوتين فى أكثر من مناسبة إلى أن “روسيا لا تنوى منازعة أحد، ولكنها تملك أن تؤثر على عملية تشكيل النظام العالمى الجديد لكى يكون صرح العلاقات الدولية المستقبلى متوازناً “. و”أن الولايات المتحدة وروسيا أكبر دولتين نوويتين فى العالم ومن هنا فإن كلاً منهما شريك طبيعى للآخر فى التعامل مع قضايا الأمن الدولى ومنع انتشار الأسلحة النووية. وفى حل مشاكل الإرهاب الدولى.

                                                                         روسيا تحذر من عودة المقاتلين الدواعش
في اتجاه دعم التدخل الروسي في سوريا ، اكد يفغيني لوكيانوف نائب سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي إنه “إذا ما انهار نظام الأسد ، فإن الهدف التالي لتنظيم الدولة سيكون السعودية نفسها ، وباقي دول الخليج ” ووصف نظام الأسد بأنه “حائط صدّ وصمام الأمان الأخير”. وأضاف المسؤول الروسي إن”انهيار نظام دمشق يعني أن الرياض وباقي عواصم دول الخليج ستكون الهدف التالي لتنظيم الدولة الذي يضم نحو خمسة آلاف مقاتل سعودي ، سيعودون إلى بلادهم بعد انتهاء المواجهات ، مشددا على أن هؤلاء المقاتلين لا يجيدون فعل أي شيء سوى القتل”. واشار الى أن روسيا ستواجه نفس المشكلة في حال عودة مواطنيها الذين يحاربون في صفوف التنظيم ، قال يفغيني : “إن هؤلاء سيتوجهون إلى البعثات الدبلوماسية الروسية ، على أنهم سياح فقدوا جوازات سفرهم ، لا يوجد بلد في العالم بمنأى عن تهديد الإرهاب وآثاره”. ونوه المسؤول الروسي إلى أن تنظيم الدولة يختلف عن باقي التنظيمات ، “كونه لا ينفذ عمليات إرهابية فقط ، بل يحتل أراضي ويحتفظ بها ، ويبذل جهدًا من أجل تشكيل هياكل سلطوية ، وإنشاء إدارات حكم . وقال “إن هذا التنظيم يقيم دولة”. وشدد على أن بلاده ملتزمة بتنفيذ ما جاء في عقود توريد الأسلحة إلى نظام الأسد ، قائلا “إن توريد الأسلحة الخفيفة إلى سوريا ، لا يخضع لعقوبات الأمم المتحدة”، لافتا إلى أن روسيا قد علَّقت عقودًا قديمة لتوريد قاذفات ياك130 ، ومنظومات الدفاع الجوي أس300 إلى سوريا.

وفي ذات الرؤية المشتركة للدور الروسي في المنطقة يرى د. نورهان الشيخ استاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة ان على الدول العربية تفعيل علاقاتها بموسكو بهدف جذب تأييدها الكامل والفعال للقضايا العربية ، وهو ما يقتضى ربط روسيا بشبكة من المصالح الاقتصادية ، لتصبح قوة دافعة وضاغطة لتحركها الفاعل فى المنطقة. وان يكون هنالك نشاطاً دبلوماسياً وإعلامياً عربياً مكثفاً لكي يضمن العرب عدم ضياع وتشتيت قضاياهم ولكسب الراي العام فى روسيا بما يخدم هذه المصالح.  وينصح نورهان الدول العربية عدم التخوف من الوجود الروسي وان عودة روسيا وبقوة ، كشريك وفاعل رئيسي في قضايا المنطقة ، يمثل ميلاد نظام عالمى جديد متعدد القوى أكثر توازناً ، وأكثر عدلاً وإنصافاً ، وعليهم واجب القراءة المبكرة للمتغيرات الإقليمية والدولية ليضمنوا توسيع مكاسبهم من هذه التغيرات. وربما يكون هذا ما دفع المسؤول الروسي البارز الى القول بان بشار الأسد هو الوحيد القادر على إيقاف ودحر تنظيم الدولة الإسلامية ،
                                                                                تل ابيب تخشى المفاوضات مع ايران
اكدت اسرائيل في تقرير انها لا ترغب في أن تملأ روسيا وإيران الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ، وإن هذا الأمر هو مصلحة مشتركة بين إسرائيل ودول الخليج العربية والأردن ومصر ما أدّى إلى تعاون بين هذه الدول رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية مع دول الخليج. ونقل موقع يديعوت أحرونوت عن المسؤولين الإسرائيليين الذين وصفهم بإنهم المطلعون على العلاقات السرية بين إسرائيل ودول في المنطقة ، قولهم إنه نشأت مصالح مشتركة داخل انعدام الاستقرار الإقليمي وبشكل خاص في ما يتعلق بمحاربة البرنامج النووي الإيراني.
ووفقاً لهؤلاء المسؤولين ، فإن قسماً من الدول العربية يرى اليوم في إسرائيل أنها ” بديل معين” للولايات المتحدة في الأداء اليومي في المنطقة . ولفت المسئولون إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، عبّر عن تعاون كهذا قبل ايام خلال خطابه في الكنيست ، عندما قال إن الدول العربية بدأت تدرك أن إسرائيل ليست عدوتهم . وشددوا على أن إسرائيل لا تسعى إلى أن تحل مكان الولايات المتحدة وأخذ دورها في المنطقة ، لكنها تتعاون سرا مع انظمة مختلفة في المنطقة. وقالت صحيفة ” يديعوت أحرونوت ” إنه على الرغم من أن إسرائيل لن تصرّح بذلك رسمياً ، لكن المستوى السياسي يتحدث عن ‘نشوء واقع جديد وايجابي جدا في الشرق الاوسط بكل ما يتعلق بمكانة اسرائيل الاستراتيجية. وقال أحد المسؤولين للصحيفة إنه لا توجد لدينا أية مصلحة بأن تدخل روسيا أو ايران إلى ملء هذا الفراغ ، وأضافت الصحيفة أن الفوضى في الشرق الأوسط أدت إلى نشوء مصالح مشتركة وثيقة في المواضيع الأمنية والسياسية ، وأن إسرائيل ‘باتت بنظر هذه الدول العربية عنواناً بكل ما يتعلق بالصراع ضد النووي الإيراني ، الذي يهدد السعودية ودول الخليج والأردن ومصر.

كاتب صحفي ومحلل سياسي 

ekhalidw@hotmail.com


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى