ثقافة وفنون

الروائي احمد إبراهيم السعد يقدم رواية تتضمن الفنون الاخرى في رواية (العراق سينما)

بغداد – حمدي العطار
اننا امام تجربة روائية بشكل مختلف!صاحبها يرسل قلمه على سجيته ويتفرد في سردية حزينة لموضوعة (الحرب) والوجع العراقي! لكنه يقدمها بشكل مميز ومختلف وهذا هو سر نجاح روايته ، بداءا من العنوان (العراق سينما) مرورا بالشخصيات والاحداث العامة والخاصة ، تجربة تلعب فيها الخبرة الابداعية للفنون الاخرى التي يتقنها الروائي بإن تثري البناء السردي، والحوار في الرواية يشكل ركنا هاما والذي ينهل من السينما، المسرح، والتلفزيون، الرسم ويملك السارد القدرة على الايجاز الايجابي لتمتد المضامين تاريخيا منذ الحرب العراقية – الايرانية حتى الوقت الحاضر، والمكان الاكثر تضررا هو (البصرة) مدينة الحروب !وبنفس منقطع النظير يقدم لنا السارد شخصياته المتمثلة (بالكاتب والمخرج والممثل) عبر مواقفهم وافكارهم وموهبتهم والمفارقات الواقعية والتي تمثل اغرب من الخيال يسترجع المتلقي مع الروائي تلك المحطات المأساوية لحقبة زمنية سقطت من متاع الحروب وتأثيرها، حتى ان القارئ يرجع كل مصائب العراق الى تلك المرحلة الحرجة من تاريخ العراق المعاصر!وسيجد القارئ الكثير من العبارات والايحاءات غير المباشرة في السرد التي تشكل متعة المعرفة والاكتشاف “قيمة الرسم الخيال وهذا الولد يمتلك هذه القيمة… الفن هو أن تروا أبعد ممما تراه عيونكم” فيتحول السريالي الى سرسري ، وعبث الصبية في عد الجثث التي تلسم الى المستشفى العسكري بالبصرة.. وتتداخل التابوات الجنس والسياسة والدين في سردية متلونة المفهيم والمعاني “هناك دائما من يراقب هذه المساجلات بمتعة تفوق عد الموتى، ومشاهدة المرحيات المرقطة كجلد ضفدع. يتزايد عدد الصاعدين إلى السطوح عندما يتصاعد عراك نجم حاتم، وخضير شبوط الللذين لم يشهد لهما عراك حقيقي على أرض الواقع، ثثة سطوح تفصل بينهما ، وخمسة أسيجة واطئة، يجتازها نجم حاتم مثل قرد عندما يشتري خضير شبوط قنينة عرق زحلاوي ، مع كيس باقلاء، أو عندما يجلب خضير مجلة إباحية”ص7الروائي لا يكرر او يقلد الاخرين بل هو يرتقي بمستوى التعبير الجمالي والفكري للسرد من خلال الاتيان بمشاهد ومقابلات وحوارات صحفية تجعل تجربة الكتابة والتفاعل معها جديرة بالقراءة.، كأنني في ورشة لكتابة االرواية فالتجريب موجود والمشاركة والتأمل ممكنة مع هذا النص!

الروائي احمد إبراهيم السعد
في رواية العراق سينما يتصفح السارد كل المحطات الالم العراقي – الوجع العراقي- وما تتعرض اليه المجتمعات في الحروب من اختراقات قيمية فيذكر السارد شخصية (رشدي الحلاق المصري) وعلاقته بأم خضير الجنسية “كان رشدي المصري عاريا ما خلا لباسه الداخلي الأبيض، وجسده الأملس أكثر بياضا من وجهه وغريب. وبرغم مشاهدتي لأم خضير وهي تمسك بزند رشدي”ص20
ظل السلطة في السرد
ليست هي الحروب ما تركز عليها الرواية بل تأثير سلطة البعث وتحكمهم بالناس ومصائرهم ، هناك تداخل فني لوجود صدام وكذلك عدي في الذاكرة القمعية للمجتمع البصري، تلك القسوة الي قد لا تشمل الاعداء فقط بل حتى اتابعهم !وترصد كاميرة السرد كل صغيرة وكبيرة وكأننا امام صور متلاحقة في سردية اخبارية “فتية تضرب أقدامهم الأرض مخلفة غبارا. أجسادهم تطير لتصل أيديهم المنبسطة إلى منشورات آن لها أن تصل…مدرس الرياضة يمسك بأحد الطلبة ويشبعه ضربا..مدرس العلوم الوسيم يختلس الفرصة ويقبض على يد مدرسة الفنية، ثم ينسحبان ببطء إلى الداخل..مدرس الرياضيات الشيوعي يضحك عندما شاهد عامل المدرسة وهو يقذف بنعله على طالب تسلق سارية العلم”ص23
رواية (العراق سينما) هي رواية الحياة البصرية والتي تمثل نموذجا لعراق الحروب والحصار الاقتصادي والاحتلال ، فتجد الى جانب العلاقات الانسانية والابداعية مآسي الاضطهاد السياسي وقسوة الحروب الاعتداء على خصوصية الانسان العراقي “ذهب الرجل وبقي عطره- العطور الذكية تترك في الروح سحرا مثاليا لا يقل شأنا عن نصيحة مؤثرة إزاء خطيئة سترتكب”ص32 وعن العطور والنساء والعلاقات العاطفية تشهد اكثر من موقف في الرواية(أيفين المسيحية في المدرسة، التي تتحرك صورة صدام حسين أعلى صدرها الأبيض المكشوف..صاح خضير بحسرة ذات درس وقد صعدت رغبته الى بلعومه على ما يبدو:آآآآآآخ …هنيالك صدام حسين”ص33 وحينما تتعرض أيفين الى التحرش من قبل احد حمايات صدام (الملازم خاجاك) الذي تلازمة جملة غزلية اطلقها على ايفين المسيحية (الي مثلك لا يحتاج إلى عطر… العطر هو من يحتاجك”ص39ولذي يتعرض الى موقف محرج حينما يطلب منه عدي ان ينزع بنطلونه لمقارنة بياض مؤخرته مع بياض مؤخرة فتاة كانت ترقص بالحفلة !
رواية (العراق سينما) على الرغم مما تثيره من شجون الا انها سردية ممتعة يمكن الاستمتاع بها في جلسة طويلة واحدة، وهي من الروايات التي تتحمل الى تتحول الى فيلم او مسلسل درامي.

 


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى