(( 1 ))
مرَّتِ الآنَ ثمانُ سنينٍ . . . 
وسبعٌ عِجافٌ
وهذي البلادُ يُوغِلُ البؤسُ فيها . . . 
والجوعُ . . والحزنُ . . والعبثُ العلنيُّ ، 
والنَّاسُ فيها ببطءٍ تموتْ
ثمانٌ عِجافٌ 
وساستُنا يُتقنونَ السّبابَ
يمضغونَ الكلامَ . . علناً يكذِبونْ 
علناً يسرقونْ. . . 
جهاراً . . نهاراً . . 
( ويزنونَ فينا ) . . ويزنون َعلنًا في الوطنْ
وَنَحْنُ وراءُ الملكْ
وخلفُ الرئيسِ . . وخلفُ الامامِ . . . 
والشيخِ . . . خلفُ الوثنْ 
يمضغُنا حزنُنا المُرْتَبِكْ
وَنَحْنُ وراءُ الوراءِ . . . 
وخلفَ وليِّ الامْرِ . . نمضي . . . 
الي لا مكانٍ . . والي لا زمانٍ . . . 
يحْتوينا الظلامُ المقيتْ 
ببطءٍ نموتْ . . 
ببطءٍ نموتْ . . 
وتحتَ غطاءِ السكوتِ المقيتْ . 
(( 2 ))
أنا الآن أعرفُ كلَّ التفاصيلِ . . . 
وكيفَ البداياتُ كانتْ .. ؟ 
وكيفَ أٰتيحَ لهمْ في غفلةٍ أنْ يقودوا الجموعَ. . .
الي المذبحهْ ؟ 
كيف البداياتُ كانتْ . . ؟ 
متي . . ؟ 
أسألوا . . البحرَ . . والرّملَ . . وَالنَّخْلَ . .والمطرَ الموسميَّ. . 
إسألوا الدمَّ والشهداءْ
إسألوا مِنْ تعرفونْ . . 
ولا تعْرِفونْ 
إسألوا أسلافَنا الميتينْ
لكنني . . أعرفُ كلَّ البداياتِ . . كلَّ البذاءاتِ . . وأعرفُ كلَّ الأفاعي . . 
أعرفُ كلَّ الثعابينِ 
وأعرفُ كلَّ حكايا الخرابْ
وعلي مدي ما تُبصرُ عيناي . . .
في وطنٍ خرّبتهُ الخديعةُ 
وأودتْ بهِ الحربُ الي الفاجعهْ.
( 3 )
فأنا شاهدُ الموتِ 
في المُدنِ المطْفأهْ
أعرفُ كيفَ تناسلنا ، وكيفَ وُلِدنا . . 
مع الرعبِ . . والجوعِ . .والقلقِ المتناثرِ 
في شرفاتِ البيوتْ 
تعلمنا كيف الكلامُ يموتْ
حبونا علي سلّمِ الدّمعِ ملحمةً مِنْ بكاءْ
( 4 )
مرّتِ الآنَ ثمانٌ عجافٌ
وسبعٌ ستعقبُها . . أو ثمانْ 
ولاشئَ يبدوا قريباً 
اذا ما ظللنَا علي حالِنا هكذا خانعينْ
لا شئَ يبدوا . . 
ولاضؤَ يبدوا هُنَا في النفقْ
لاشئَ يبدوا سوي أنْ. . تضيعُ البلادُ
ويمضي بنا الليلُ الي لا زمانٍ . . . 
والي لا مكانٍ ، 
والي لا أفُقْ 
فأنا . . . 
أدرك الآنَ أكثر من أيِّ وقتٍ مضي 
أن ما يحدثُ الآنَ . . 
ليسَ الذي ينبغي أنْ يكونْ
فلا الخبزُ . . خبزٌ 
ولا الماءُ . . ماءٌ 
ولا الدمعُ . . دمعٌ 
ولا الطينُ . . . طينْ 
فهل نكتفي بِمَا كانَ . . ما كَانَ. .؟ 
أَمْ نكتفي . . . 
باحْتمالاتِ ما قَدْ يكونْ . . ؟
((القاهرة – 2019))





