- بقلم: خليل الحلي
في مدينة فيرفيلد الواقعة غربي سيدني، حيث تتجذر جالية عراقية كبيرة، برزت شخصية استثنائية جمعت بين العلم والرحمة، والاحترافية والإنسانية. إنها الدكتورة سحر الصومعي، طبيبة الأسنان التي باتت تُعرف في الأوساط المحلية بـ”طبيبة الفقراء”، وهذا اللقب ليس مجرد لقب عابر، بل هو سيرة سيرة مفعمة بالعطاء الصادق والتفاني النبيل.
ما يميز الدكتورة سحر ليس مهارتها الطبية فحسب، بل قلبها الكبير الذي ينبض رحمةً وتواضعًا، وروحها التي اختارت أن تجعل من الطب رسالة لا مهنة، ومن العيادة ساحة إنسانية لا تجارية. ففي زمن طغت فيه الماديات على القيم، اختارت أن تكون مختلفة، ثابتة على مبدأ أن العطاء للإنسان هو الأهم، وأن الألم يُعالج بالرحمة قبل الأدوات الطبية.
رسالة تتجاوز حدود العيادة
الدكتورة سحر تؤمن إيمانًا راسخًا بأن المال وسيلة لا غاية، وأن أعظم ما يمكن أن يقدمه الطبيب هو أن يكون سندًا لمن لا سند له. لذلك، لم يكن مستغربًا أن تقدم العلاج المجاني لكثير من المحتاجين، وأن تفتح بابها وقلبها لكل من ضاقت بهم السبل.
ابتسامتها الدافئة، وكلماتها اللطيفة، وسلوكها المهني الراقي، جعلت منها مصدر أمل لكثير من الأسر التي عجزت عن تحمّل كلفة العلاج. لم تكن يومًا متاجرة بحاجات الناس، بل كانت – وما زالت – حامية لكرامتهم، تخفف وجعهم، وتمنحهم فرصة للشفاء دون مقابل.
رمز يُحتذى به
تحوّلت الدكتورة الصومعي إلى رمز في المجتمع العراقي في أستراليا، ليس لأنها فقط تُعالج المرضى، بل لأنها تمثل صورة حقيقية للطب الأصيل الذي يسكنه الضمير قبل الشهرة. أصبحت مرجعًا إنسانيًا لكل من يبحث عن نموذج يُحتذى به في زمن اختلطت فيه المعايير.
في الدكتورة سحر الصومعي نرى صورة مشرقة لما يجب أن يكون عليه الطبيب: إنسان قبل أن يكون مختصًا، ورحيم قبل أن يكون ناجحًا. إنها ليست مجرد طبيبة، بل وجه مضيء للإنسانية ورسولة للرحمة في زمن قلّت فيه مثل هذه القلوب.
تحية تقدير وامتنان لهذه السيدة النبيلة، التي جعلت من عيادتها مأوى للضعفاء، ومن مهنتها منبرًا للعطاء، وجعل الله كل ما تقدمه في ميزان حسناتها.
* رئيس تحرير صحيفة العهد – سيدني