مقالات

ظاهرة الإنتحار تنتقل إلى الصحافة!

زيد الحلي

انتقلت ظاهرة ” الانتحار” التي اتسعت مساحتها في المجتمع ، الى الصحافة في العراق ، فها هي مجلة ( الف باء ) تعلن توقفها النهائي عن الصدور .. ولسان حالي يقول : ان جريمة توقف اي مطبوع عراقي لا تفضي إلى الموت فقط ، إنها الموت المجتمعي نفسه. ومعروف ، ان مجلة ” الف باء ” اعيد اصدارها ، بعد توقفها القسري، بمبادرة شخصية من الزميل شامل عبد القادر، في العام 2015 واستمرت حتى 2017 حيث توقفت ، وبعد مدة ، اعيد اصدارها في يوم الاول من كانون الثاني 2018 ? ثم اوقفها من جديد الزميل شامل في الاول من هذا الشهر..

وقال ان قراره نهائيا ..وهذا التوقف يعني ان الشريان الصحافي في العراق اصابه خلل مميت ، لاسيما ان هناك عديدا من الصحف والفضائيات العراقية ، ترفع خجلا راية التوقف ، باعتباره آخر الكي ، بعد معاناة طويلة ، واستنزافات ، لم يقو على استمراها اصحابها ، فاتجهوا الى تشريد مئات العاملين من الصحفيين والفنيين ..

هم الآن بلا عمل ، واظن ان عددا آخر سيلتحق بقافلتهم ، فنحن نسمع ان بعض الصحف والفضائيات، قلصت اعداد موظفيها الى النصف ، وهي ايضا تتلكأ بدفع رواتب البقية الباقية من العاملين فيها ، وازاء هذا الواقع المؤلم ، ، لم يرف جفن للجنة الثقافة والاعلام البرلمانية ، او وزارة الثقافة ، من اجل وضع الاصبع على الجرح النازف .. فربما يأتي يوم نرى فيها بغداد ، خالية من الصحف ومن الفضائيات عدا ، اعلام الدولة ، بسبب فقدان الرعاية والدعم من كافة الجهات التي ينبغي ان تكون من اولى مهامها تشجيع الصحافة والاعلام ، من خلال حصة عادلة من الاعلانات والاشتراكات الحكومية، وتسديد الديون التي بذمة بعض المؤسسات المستقلة كمفوضية الانتخابات الى الصحف المستقلة. وتأسيس دائرة مهامها توزيع المطبوعات والكتب ، ووسائل الدعم الاخرى . ان الحقيقة القائمة الان في شارعنا الاعلامي هي بين الواقع القائم ، والتنظير الذي نسمعه ، وبين الأزمة والتفكير في حلها ، بين المعطيات ، والمنهج في قراءة المشكلة وإرجاعها لأسبابها ، هي بين الذات ، والموضوع، بين التنظير، والتصور اللاحق لما يليه..

لقد نسى البعض ، ان الاقتران بين الواقع، والممارسة يدل على واقعية الرؤية وإمكانية التطبيق، وإلا سيكون الكلام عن هذه المشكلة في جهة، والواقع في مكان آخر… فالانشطار الكبير في الرؤية بين الماضي التراثي للصحافة العراقية ومكانتها ، وكيف نتعامل معه ونقرؤه على حقيقته الحالية ، بون شاسع ، ومرير ، فلندرس ظاهرة ( انتحار ) الصحافة في العراق ، والتي شكلت نهاية مجلة ” الف باء ” ابرز اشكالها ، واعمق محطاتها ، قبل فوات الأوان .. ! صحيح ان لكل ظرف زمانه ، ولكل مركبة سائقها، فالوضع العام بالعراق في الوقت الحالي تسوده الفوضوية والفوضى ، في جميع المجالات ومنها الصحافة التي تعتبر مرآة المجتمع ، لكن هذه الفوضى والتخبط والانهيار والتجاذب ، والصراعات التي تحيطنا وتسكننا ، سيكون ضحيتها الصحفي والاعلامي ، لاسيما الجيل الجديد من خريجي كليات الاعلام في الجامعات ..فهل انتبهنا الى ذلك ؟ ام اننا سنستمر بشرب ماء من قربة مثقوبة ، من نهر أجاج .. فلا اذن تسمع ، ولا ذهن يستقرئ ..! اخي شامل ، سيحسب لك الزمن ، انك اديت واجبك المهني ، في زمن يلفه دخان اسود .. محبتي

عن الزمان اللندنية


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى