مقالات

لا عمود في هذا الأسبوع !!

 زيد الحلي

كيف للمرء، ان يتماهى حياتيا، وهو يعيش لصيقا بدرجة حرارة، تقارب (درجة الغليان) لاسيما في بلد يصبح ويمسي، على مشاكل لا حصر لها في جميع المناحي ؟ اكيد سيكون مع الأذى والعصبية صنوان لا يفترقان .. والحق معه، فلطاقة الانسان مساحة من الصبر، وحين تتجاوز تلك المساحة حدودها، فإن الامور تخرج عن سياقاتها المعروفة، فليغفر احدنا، الآخر ان بدرت منغصات ليست على البال .. فالحر الشديد، مصحوبا بانقطاعات الماء والكهرباء، والبحث عن لقمة العيش، وسوء الخدمات الصحية، يتسبب في فقدان التوازن النفسي، فالشمس تزداد توهجًا وسطوعًا، وترسل سياط لهيبها موجعة للأبدان، فيهرب الناس منها، يلتمسون الظل الظليل، والماء البارد، والهواء العليل، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه .. وتلك هي ام المصائب !

وانني اعرف، ان القارئ، في مثل هذه الاجواء، لا يستسيغ قراءة مواعظ وكتابات جادة، حتى لو كانت مهمة، فارتأيت ان يكون عمود هذا الاسبوع، مخصصا لبعض ما حصل في عالم الصحافة من (قفشات) ومواقف، متمنياً ان تضفي بسمة في (تنور) تموز، من خلال (بعض) تأملات ضاحكة، مع حر هذه الايام اللافحة.

 في كل المهن تقع أخطاء كثيرة، ويستطيع أصحابها أن يتستروا عليها ويخفوها بطرق ملتوية لبعض الوقت، إلا الأخطاء المطبعية في الصحافة، فإنه لا يمكن تمريرها، كونها منشورة على الملأ، وهذه الأخطاء غير مقصودة بالطبع إلا أنها تكون مثارًا للتندر والفكاهة، وفي أحيان أخرى تُوقع بسببها مشكلات لا حصر لها .. ومنها ما اخترت:

في صحيفة (الاهرام) المصرية، تم الخلط بين إعلانين، نشرا في ثلاثينات القرن المنصرف، أحدهما تهنئة لمولود والثاني إعلان عن بيع عجل جاموس، ونشرت التهنئة كالتالي:

(رُزق حضرة الوجيه الفاضل عجل جاموس كبير بمولود جعله الله من أبناء السعادة وله تهانينا)، أما الإعلان فنشر كالتالي:

(إنه في يوم الثلاثاء الموافق 17 أكتوبر 1936م سيصير بيع الحاج عبد العزيز سلامة من أعيان كفر الشرايفة في مزاد علني، وذلك وفاء لمبلغ عشرين جنيهًا.. فعلى راغب الشراء الحضور).

ومن الأخطاء الطريفة في الصحيفة ذاتها، اختلاط خبر عودة أحد الوجهاء من جولة في أوروبا بخبر القبض على مجرم خطير، فكان الخبر الأول كالتالي:

(عاد من أوروبا حضرة الوجيه الأمثل مراد بك خريج سجن قراميدان بعد أن دوخ المديرية ثلاث سنوات وقد ألقى القبض عليه مأمور المركز بمعاونة رجال المباحث، وبلغ عدد جرائمه 17 جريمة، وهو يشكر كل من تفضل بتهنئته على سلامة العودة).

أما الخبر الآخر فنشر كالتالي:

(ألقى البوليس القبض على الشقي الخطير عبده الأقرع بعد أن أمضى في ربوع أوروبا عدة شهور رفع فيها اسم مصر عاليًا، وقد أُلقي في السجن توطئة لإرساله إلى ليمان أبو زعبل محفوفًا بتهاني الوجهاء والنبلاء).ومن أمثلة الأخطاء المطبعية التي نشرت في عدد من الصحف المصرية، وكان يمكن تجنب وقوعها بقليل من الاهتمام عند أداء العمل ما نشرته جريدة الجمهورية القاهرية (عدد 6 سبتمبر 1956) عن مكتب تنسيق القبول بالجامعات، فذكرت الآتي:

(..سيغلق مكتب القبول أبوابه في تمام الساعة السابعة مساء، ولن يُقبل أي طلب يُقدم إليه بعد هذا الموعد حتى ولو كان به تبريد…) والمقصود بالطبع + تبرير ؛

ونشرت جريدة العالم اليوم (8 أغسطس 1999) مقالاً بعنوان (ورحل البياتي شاعر الغربة) وردت به عدة أخطاء طريفة مثل: (إن رحيل الشعراء في الغربة يمثل ظاهرة في عالمنا العربي .. قليل من الشعراء ماتوا في أوطانهم واحتفنهم ترابها..). طبعًا الصواب هو: (احتضنهم).

وأيضًا في المقال نفسه، وردت العبارة التالية: (..في أزمنة مضت كان الشعراء يعيشون في بلاط الحمام ومنذ تمرد الشعراء وخرجوا من البلاط كان هذا العداء السافر بينهم وبين السلطة). والصواب طبعًا هو: (كان الشعراء يعيشون في بلاط الحكام).

ومن أطرف أخطاء الإعلانات هذا الإعلان المبوب الذي نشر في أخبار المجتمع، وكان نصه: (رزق السيد جون سميث وزوجته السيدة ماري سميث بمولود ذكر سمياه بيتر.. مبروك يا جورج)!

وفي رده على أحد القراء حول كثرة الأخطاء في جريدة (الأخبار) يقول الصحفي الشهير أحمد رجب: الأخطاء المطبعية صنوف ودرجات، وعندما تقع هذه الأخطاء في العناوين الرئيسة تصبح أخطاء لا تغتفر.

فالعنوان الرئيسي أو المانشيت لا يمكن أن تخطئه العين في بروفات الصحيفة، ومع ذلك، فقد ظهر في إحدى صحف ولاية بنسلفانيا الأمريكية هذا المانشيت العريض: (مساجين يهربون من السجن بعد إعدامهم).

وفي صحيفة لانسينج ستيت جورنال: (اتخاذ الإجراءات في الولاية لإعدام جميع المواطنين فوق 17 سنة).

وفي جريدة (جالفستون بتنيسي): (كلب في الفراش يطلب الطلاق).

وفي جريدة (بوسطن بوست)، جاء في خبر زفاف: (وبعد انتهاء حفل الزفاف ودّعت العروس عريسها لتقضي شهر العسل)

وفي صحيفة (تيبتو نفيل بتنيسي): (يجتمع نادي الحدائق في الثانية والنصف يوم الأربعاء القادم لبحث وسائل المحافظة على السراويل الداخلية)!

وفي صحيفة (فوكس فيل بتنيسي): (وفي حفل الزفاف عزفت الأوركسترا للعروسين نشيد: والآن بدأت الحرب)

وحدث في جريدة الاخبار المصرية، في احد صفحاتها الرئيسية عنوان اثار الكثير من الجدل والمشاكل كان العنوان بالبنط الكبير: ” ملعون أبو المحافظ

وكان مصطفي امين بما يتميز من خفه دم هو كاتب المقال ولم يكن المقال سبّا موجها لمحافظ احدى المحافظات، انما محتوي المقال ان كاتبه تعرض لسرقه محفظة نقوده في اتوبيس عام يوم ان تسلم راتبه فكتب المقالة ساخطاً لاعنا محافظ “جمع محفظة” النقود.

ومن ” قفشات ” صحيفة الاهرام ايضا عنوان: الاهرام تطالب بتجريد ثياب القضاة.. وفي اليوم التالي وبعد تلقي رسالة عتب ولوم تم تصليح العنوان: الاهرام تطالب بتجديد شباب القضاة.. وتمت معاقبة المسؤول عن الخبر.

أما جولة وزيرة الشئون الاجتماعية السابقة في مصر التي ذهبت في مهمة عمل إلى منطقة كفر الشيخ فقد كان فيه من “الحرج ” الكثير فبدلا من أن يكتب “حكمت أبوزيد تتجول في كفر الشيخ” جاء “حكمت أبوزيد تتبول في كفر الشيخ

لكن أطرف الأخطاء هو ما نشرته صحيفة أمريكية عام 1875 خطأ عن وفاة الأديب الكبير فيكتور هوجو، وبعد عشر سنوات مات هوجو فعلا، فكتبت الصحيفة عنوانا كبيرا (نحن أول من أعلن وفاة هوجو).

 

أكيد ضحكتم على بعض خفايا الصحافة العربية والعالمية، لكني لم احدثكم عن خفايا الصحافة العراقية .. ففيها الاندر والاكثراضحاكاً .. لكني خشيت من زعل البعض من الزملاء!

 

Z_alhilly@yahoo.com

مقال للكاتب في صحيفة ” الزمان ” الدولية


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى