مقالات

بغداد تبحث عن هويتها

علي الزبيدي*
منذ أن أنشأها أبو جعفر المنصور في العام 1588 هجرية كانت بغداد عاصمة الدولة الإسلامية وكانت دار السلام والزوراء وبتوالي السنين كان لها هويتها الخاصة في كل شيء العيش والملبس واللهجة وطبيعة العلاقات الاجتماعية والإنسانية بين أهلها حتى أصبحت بغداد مثلا في الحياة الرغيدة والجميلة وجاءت مفردة (البغددة) تعبيرا عن تلك الحياة ومرت عليها الحادثات بغثها وسمينها ومر عليها الغزاة والطامعونفكانت عصية على التبدل ولم تغادر عاداتها وتقاليدها فكانت ملهمة الشعراء والكتاب وكانت بغداد والشعراء والصور وعيون ألمها بين الرصافة والجسر وبغداد يا قلعة الأسود وغيرها الكثير، لكننا اليوم ونحن البغادة من كرخها ورصافتها نعيش في بغداد ونراها غريبة علينا فقد تبدل حالها وكأن هناك من يتعمد مسخ هويتها ابتداءا من تغيير الطرز المعمارية البغدادية إلى فوضى الشوارع والأسواق وضياع اللهجة البغدادية الأصيلة وسط لهجات وافدة كثيرة أفقدت بغداد الكثير من خصوصيتها وأصبحنا نسمع مفردات غريبة عنا وعن بغدادنا الحبيبة. تغيرت معالم بغداد نعم ولكن برأيي ليس نحو الأحسن فلم نعد نلمس ذلك التأنق في ملبس عامة الناس وخاصتهم حتى أصبحت بلا هوية و السدارة الفيصلية لبسها الوافدون الجدد فلم تعد عنوانا للبغدادي الأصيل وإذا تجولنا في شوارع بغداد التاريخية فلم نجد ذلك التنسيق اللوني الجميل والهادئ والمباني غاب عنها الطراز البغدادي المعروف بشرفاته وشناشيله وأنا هنا احمل أمانة بغداد المسؤولية الكاملة لتهاونها في السماح بالتجاوز في البناء في مناطق تاريخية وتراثية من بغداد بطوابق متعددة مع علمي إن إجازة البناء ثلاثة طوابق فقط فإذا هي بناية من ثمانية وتسعة طوابق أو أكثر ووراء هذا التهاون شبهات فساد بات يتحدث عنها المواطن بشكل علني وحتى البيوت التراثية التي استملكتها الأمانة في سبعينات القرن الماضي وعملت على صيانتها لتكون معالم تراثية بغدادية تعرضت للتخريب والإهمال بل والإزالة، وكذلك ما افقد بغداد هويتها هذا الكم الهائل من الاعلان في الشوارع والساحات لجهات نافذة في السلطة ومنظمات مجتمع مدني وجمعيات تنشر إعلاناتها بدون ضوابط ونحن نعلم إن في كل دول العالم هناك ضوابط لإعلانات الطريق وكذلك على المعلن دفع رسوم الإعلان فهل تستوفي أمانة بغداد حقوق الإعلان من المعلنين؟ فلا يعقل أن يبقى إعلان على الطريق لسنوات لو كان المعلن مطالب بدفع رسوم الإعلان أم إن أمانة بغداد ترى في ذلك تطور جمالي لشوارع العاصمة ؟.
أنها دعوة لان تعيدوا لبغداد هويتها الأصيلة فقد ضاقت ذرعا بكل ما هو غريب،فلنتعاون جميعا نحن البغادة في هذا المسعى ولابد للمجالس البغدادية أن يكون دورها اكبر وأكثر تأثيرا لعودة بغداد إلى كل ما هو أصيل وجميل وهذا ابسط حقوقها على اهلها.

  • كاتب وصحفي عراقي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى