Sliderثقافة وفنون

قراءة في رواية الكاتب العراقي وارد بدر السالم “شبيه الخنزير”

كتابة /فرح تركي ناصر

رواية تلخص حياة في عبارات : أن الحب ينتصر.. العفة تسمو. الثبات  يدحض الخرافة..

الخوف هو سبب إنكسارنا.

لكننا حين نمتلك آليه الصمود والمجابهة فهنا نحن نقيد مدة مضافة لأعمارنا.. فهذا ما حدث مع سليمة الجميلة وهي تجابه مع اولادها الثلاثة، مع زوجها الشبيه بالخنزيز ‘لازم’ الشيخ شبوط وازلامه.

وكل من كان سعفة  تدوّرها رياح المكر من دون ان يتبعه عقله ويتساءل لماذا هذا العداء الموجة نحو شخص ما. تثاقل به المرض لتنقلب هيئته البشرية إلى كائن مشعر ذي عينين ضيقتين وانف مربع مدبب فاطلقوا عليه شبيه الخنزيز او خنزيز.

كان التشبيه لما آلت اليه سليمة من فزع وخوف وحزن حقيقي لدرجة انني تخيلت ان اراها كما لو كنت في مأتمها ذلك حول ما جرى لهم.

 كان السالم موفقا بقدر كبير في وصف الطبيعة والعادات والافكار واللهجة حتى ما واتتنا لحظة بأن من ينطق الرواية قد غادر الهور لحظة. بل هو قد ارتوى من القصة بحذافيرها وكأنه فوق رؤوس كل من تم ذكره في الرواية بذات الوقت.

انها دينامكية وسلاسة منتظمة. لنعيش أجواءها بالفزع والخوف والفرحة والرجاء المرتقب.

 في منتصف الرواية كان هناك دور للسحرة.. الذين ظن اهل السلف بأن الذي جرى لـ لازم بسبب سحر من شيطان او عفريت من الجان ولكن كل المساعي تداعت إلى اللاشيء…

كان تحول انسان عاقل ناضج وله لزوجته ومريض واب لثلاثة اطفال في صبيحة احد الايام من شانه ان يقلب قرية او سلفاً في قرية في هور من اهوار العراق إلى حدث جلل. وكان لابد وان تحصل هذه الرواية الني تصور ابشع مخاوفنا وتسمح لها بأن تشرق من دون حياء..على فرصة لتكون فيلماً عالمياً… كما في فيلم *fly * الذبابة. ولكن هذا من جمله اسباب ترنو إلى ارتباط الفرد العراقي بما في جملته الفنان والمخرج والاديب… بضياع الجدارة في الوصول إلى العلى حفاوة بأنجازاتهم.

كان يليق بشبيه الخنزير أن تكون عملاً فنياً كما بيت الطين… فلغتها ودراميتها… وتصويرها ومعالجتها مؤهلة سينمائياً. تحتاج فقط إمكانات مخرج ذي رؤية بعيدة ليكتمل العمل سينمائياً… كما هو متكامل في الصياغة الروائية.

بين  الأسطر.. نرى بعداً حيا… فقد استعرضت الرواية موضوعات الخرافة والسحر والتقاليد اليومية والموروث الديني.. العشيرة والانتماء القبلي والخوف من العار لمجرد ان أحد رجال السلف… تحول بطريقة ما إلى خنزيز.. كما وقفت على  تأثير القيل والقال في تأجيج أي حاله تطرأ في المجتمع.. اي مشكلة او مصيبة..وكأننا ننظر إلى مرآة..لصورة او مشهد عراقي حي في لوحة تبدو جامده لكنها تنبض بالحياة.

..

السلف… الاجاويد.. الشيلة… الصريفة… الزلمة… الحرمة… وردت مفردات  باللهجة العراقية التي تصب من عمق الهور. عبقة بعطر مائه وثقل القصب في تصوير باذخ… خيالي يتقدم لازم الخنزير مخاطباً سليمة… يحدثها كما كان قبل ان يتحول لخنزير يعبث بالطين. وهذه دلالة بان الروائي قد سبق كثيراً من الافلام بعد تاريخ تأليفه للرواية. فيها حيوانات تتكلم… مع البشر.

..

كانت نهاية الرواية درامية وفيها الكثير من الحركة والاثارة والترقب والتشويق لنعرف من سيبقى حياً… الشيخ شبوط وسطوته وسره الذي يخاف ان يشاع… منذ مواجهته لسليمه وتحديها له ام لـ لازم زلمتها كما ينطق اهل السلف...

لابد وان ينتصر الخير حتى لو في الخيال..

أود قراءتها مرات ومرات فهي تجربة فكرية مميزة محاطة بالخيال والغرابة. وتعتبر أيقونة بكل حذافيرها بدءاً من العنوان الى.. التتمة

رواية الكاتب العراقي وارد بدر السالم “شبيه الخنزير” هي من أكثر الروايات التي نالت حضوراً واضحاً في النقد والدراسات الأكاديمية/ الماجسـتير والدكتوراه/ منذ صدور طبعتها الأولـى عـام 2004 في القاهرة حتـى آخـر طبـعة لها وهـي الخامسة في بغداد 2021 عن مؤسسة ثائر العصامي.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى