Sliderادب وتراث

قصة قصيرة / اوباما : صديق الطفولة بقلم طعمة البسام

بقلم طعمة البسام ( العراق – البصرة )
ولدت ولله الحمد في السنة التي ولد فيها اصدقائي : خالد وحاتم وجاسم ومحسن وصاحب وفلاح وصديقنا الابعد مبارك بن حسين ابن ابو عمامة اباءنا وعلى غير اتفاق ، نزو زوجاتهم ، اي امهاتنا ، في السنة التي سبقت ولاداتنا او على الاقل في الاشهر التسعة التي سبقت مجيئنا الى هذا العالم … ربما جلس اباءنا في تلك السنة يتحدثون عن تلك الليلة ضاحكين مازحين دون ان يدركوا ان مزحتهم الثقيلة مع نساءهم جريمة لا تغتفر .. اذ القوا في تلك الليلة ابناء الى هذا العالم دون التفكير بعواقب فعلتهم تلك … لسنا الوحيدين الذين ولدوا في تلك السنة ربما هناك الملايين من الاطفال الذين ولدوا في سنتنا تلك .. وعشنا معا في هذا الكوكب دون ان نلتقي بهم او يلتقون بنا وذلك امر مؤسف حقا ان تعيش كل تلك السنوات مع اناس دون ان تلتقي بهم فلربما قد تأتلف ارواحهم مع ارواحنا ونكون اصدقاء واحبة خلّص .. ولكن اصدقائي الذين ورد ذكرهم اعلاه كانوا اصدقاء بحكم التاريخ والجغرافية وليس بحكم الاختيار وبما انهم اضحوا جزءا من حياتي ومن ذاكرتي فلا بد لي من ان اذكرهم واستذكرهم لكم فهذا جزء من الوفاء حسب وجهة نظري القاصرة ……….. خالد : قطعت رجله في الحرب بين العراق وايران كان مقاتلا في قاطع ميسان عندما انفجر لغم .. .. نقلوه الى المستشفى وبتروا رجله .. ثم منحوه سيارة خاصة للمعاقين … فاعتبره زملاءه واصدقاءه محظوظا فقد نفد بحياته واذا كان قد فقد رجله فقد كسب حياته وسيارة وراتب الى اخر العمر ودون عودة اخرى الى الجيش .. ثم انه تعرف بطريقة ما الى امرأة استدرجته الى بيتها واقام معها علاقة غامضة انتهت بزواج ثم طلاق ثم اخذت منه سيارته بقرار من المحكمة .. فاصبح بعد ذلك مادة للسخرية من اصدقاءه ومعارفة الذين حسدوه يوما حين قطعوا رجله ومنحوه سيارة وراتب تقاعدي …. وبعد سقوط حكومة صدام حسين منحته منظمة عالمية ساقا اصطناعية .. ويشاهد حاليا جالسا بباب بيته في اوقات العصر يترقب المارة !! حاتم : بالمختصر المفيد اصيب صديقنا حاتم بمس من جنون ….. فجأة اهمل نفسه : طالت لحيته وشعر رأسه ، واتسخ جسمه وملابسه وظل يمشي حافيا .. اما سبب ذلك فربما قد تكون زوجته السليطة اللسان القاسية التي لا تنتهي طلباتها ومشكلاتها ومشاكساتها وفضائحها ايضا … فلم يكن امام حاتم الهاديء المسالم لمعاقبة زوجته الا ان يُجن ويفقد عقله … ويهيم في الشوارع وينتهي الامر !!!! محسن : عاش حياة طبيعية جدا وروتينية جدا ، ترك المدرسة وعمل في رعي اغنام والده وحين بلغ السابعة عشرة تزوج من ابنة عمه وانجب منها سبعة اولاد : اربع اولاد وثلاث بنات … زوجهم جميعا قبل ان يموت في حادث سيارة . صاحب : انقطعت عني اخباره لنحو اربعين سنة .. ما زلت الى هذه اللحظة اتذكر ملامحه جيدا وجهه ابيض يميل الى الاحمرار حين يضحك … قصير القامة ممتليء الجسد ، سنه الاعلى مكسور الى النصف … لم اعرف شيئا عن اخباره ابدا … وذات يوم التقيت باخيه في مناسبة ما وسالته عن اخبار صاحب : صمت قليلا وقال : مات في حرب الكويت .. كان جنديا في قاعدة الامام علي الجوية في الناصرية حين قصفتهم طائرة امريكية … جمعوا اشلاءه ووضعوها في اكياس ثم اتوا به الينا – يقول اخوه – .. وبما اننا لا نستطيع الوصول الى النجف بسبب الحرب والقصف فقد ( امنّا) اشلاءه عند الارض وحين توقفت الحرب .. نبشنا قبره واخرجنا الرفاة وأعدنا دفنها في قبر معروف بشاهدة وصوره وهو الان يرقد بسلام في وادي السلام . فلاح : كان اكثرنا قوة وما هزمه احدا منا قط .. حين كنا نتخاصم ونتعارك معه .. لم يحب المدرسة ابدا .. تركها في صفه الثالث لذلك فهو الان لا يكاد يكتب اسمه …حين شب قليلا اشترى له ابوه سيارة حمل كبيرة …. ظل ينقل بها الطابوق والرمل وما ثقل وزنه … وفي يوم من الايام تعطلت سيارته … فنزل تحتها مصلّحا غير ان السيارة سقطت على ظهره فكسرت عموده الفقري واصيب بشلل كامل ومنذ ذلك الحين ظل جاسلا على كرسيه المتحرك … ويمازحه اصدقاءه القدامى بانهم يستطيعون هزيمته الان ، الا انه يتحداهم بيدية القويتين فيهزمهم شر هزيمة ….. هؤلاء هم اترابي ، فكما تلاحظون نهاياتهم التي اختارها لهم القدر … غير ان صديقنا الابعد اوقل هو احد اترابنا الذي ولد في السنة التي ولدنا فيها … فقد كان ابوه رجلا اسودا من كينيا .. ولظروف قاسية اضطر الى الهجرة الى جزر البهاما وهناك التقى بامرأة شقراء امريكية وتزوجها .. فانجبا ولدا اسمياه “مبارك ” الذي غير اسمه الى باراك وغير اسم جده من (ابو عمامة) الى اوباما وهكذا اصبح مبارك حسين ابو عمامة : باراك اوباما الذي حكم امريكا لمدة ثمان سنوات ….. هل علمتم الان كم محظوظون نحن الاصدقاء الذين اوردت اسماءهم في هذه القصة ، اذ اصبح صديقنا الابعد ورفيقنا في سنة الولادة رئيسا للولايات المتحدة الامريكية لمدة ثمان سنوات ؟؟؟!!!!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى