Sliderالتواصل الاجتماعي

الحرية في الشرق ، نعمة ام نقمة ؟

اللاذقية / لينا كنجراوي 

كيفما تكُونوا يولَّ عليكم”… أعتقد أن هذه العبارة من أروع ما قيل بخصوص العلاقات الإنسانية ؛ العامة و الخاصة، و لأننا أمة نشأت على القهر و الخوف و الرتابة … عشنا أعمارنا بطريقة زائفة. ليسأل كل واحد فينا نفسه عن عمره الحقيقي الذي عاشه بملء إرادته و عن لحظات السعادة التي اقتنصها من براثن ضوابط منافقة هدفها فقط إحكام السيطرة على أرواحنا التي وهبها الله لنا لتكون حرة. كلامي هذا لا يعني الانفلات لكن لا بأس بأن نمدّ رؤوسنا خارج الأسوار أحياناً . تبدأ القصة منذ الطفولة . النصيحة الأكثر تداولاً: ‘ علّمي ولادك على طباعك’ . متناسين أن الطبع غلب التطبع و أعتقد أنني من أكثر الأمهات اللواتي تركن أولادهن يعيشون بحريّةٍ منضبطة رغم ملاحظات الكثيرين .كان يكفيني أن يكونوا بأمان و أن يحرصوا على تأمين مستقبل سعيد لهم… غير ذلك هم أحرار و كنت أنا أكثر سعادة منهم بحريتهم لدرجة أنني أفخر بالاختلاف الذي بيني و بينهم . أتذكر جيلنا ‘ الشديد التهذيب’ لدرجة القمع و كم كلفنا هذا مواقف نندم عليها الآن لأننا ‘ خجلنا’ من ممارسة حقنا في اختياراتنا أو في التعبير عن آرائنا بدون محاباة للمجتمع أو مراعاة لمفاهيم و نُظُم من حولنا ، و في النهاية قد لا نرى أحداً من هؤلاء الذين أعطيناهم الأولوية في التحكم بمصائرنا… قادرين على أن يغيروا شيئاً من حزن نحن فيه أو مأزق نعيشه و المبرر دوماً حاضر …’ لم يجبرك أحد على الانصياع لمبادئنا’. ظاهرياً  هذا الكلام صحيح لكن بالواقع هم يتناسون حجم الضغط النفسي الهائل الذي يعيشه صاحب الرأي المستقل و المتمرد على المحيط و أحياناً يتم ممارسة هذا الضغط بأساليب شتى رغم كياستها إلا أنها بالنهاية تجعل الانسان يعيش حالة من عدم الراحة  و تأنيب الضمير لأنه تصرّف بطريقة لا ترضي أحبته. نفس الوضع نعيشه بالشأن العام . علينا مراعاة القوانين المتذبذبة وفقاً لاعتبارات اجتماعية أو سياسية أو تماشياً مع الأعراف و التقاليد . في ذات الوقت ؛ الكل يشجب و ينتقد و يستاء من حياتنا المزرية لكن إذا حاولت أن تسأل : لماذا فلان يحق له هذا و لا يحق لي ؟ يأتيك الرد الصاعق دوماً : هل نسيت أنه في المركز الفلاني أو أنه يدفع لفلان أو أن امكانياته الأخرى تساعده في تحقيق كل ما يريد؟؟؟

حالة من الحيص بيص تسود هذا المجتمع لدرجة أننا لم نعد نعرف هل الصح هو الصحيح أم أن الصح هو الدارج ؟ لأن ضريبة الصح فاقت قدراتنا و احتمالنا . لذلك نرى أنه عندما يتم معاقبة شخص ما بسبب’ حريته’ … دوماً يكون التعليق عليه: ‘ مستاهل ، الله لا يقيمه. ليش ما شايف الوضع!!!” و كأنهم سعداء بحالهم المزري و المسكوت عنه. للأسف لا يوجد منطق في حياتنا و لا احترام لإنسانية الإنسان و النتيجة : لا توجد سعادة حقيقية في بلادنا لأن كل شيء حولنا أزلي، مفاهيمنا،عاداتنا، طريقة حياتنا، أولوياتنا،و أهداف حياتنا . نعيش حالة ركود مرعبة هاربين من حقيقة أن الحركة هي سر ثبات المجتمعات الحية لذلك نحن نعيش موتنا بصمت و بخيانتنا لأرواحنا…. أعتقد أن الباقي من أعمارنا يستحق مراجعتنا لأنفسنا و اختيار الأصلح و الأكثر سعادة لنا بعيداً عن أسوار ٍ مهلهلة تتداعى عند أول عثرة تعترضنا.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى