Sliderاستراليا

عيد ميلاد سعيد سيدني بقلم الكاتب هاني الترك

بقلم الكاتب هاني الترك

منذ 232 عاماً رست السفن البريطانية على شواطئ سيدني.حيث أُستخدمت القارة الاسترالية بعد اكتشافها في ذلك الوقت كمنفى للمساجين.. وكان آرثر فيليب أول حاكم للولاية قد سمى المنطقة التي نزل فيها سيدني كوف.. نسبة الى اللورد سيدني وزيرالداخلية ببريطانيا آنذاك.

بدأ المستوطنون الجدد مع السجناء حياتهم الجديدة بقطع الأشجار وشق الطرق وبناء الجسور وتشييد المباني السكنية وزراعة الأراضي وواجههم في بدء حياتهم الكثير من الاهوال والصعوبات مثل المجاعات لعدم نجاح المحاصيل الزراعية وشحة مياه الشرب لندرة الينابيع العذبة.

هاني الترك

بالإضافة الى عامل الطبيعة القاسية وتمرد المساجين من حين الى آخر.ولولا وصول المعونات الاقتصادية والمعدات الصناعية ومواد التغذية من الدولة الأم بريطانيا لكانت أخفقت عملية الإستيطان ومات الرعيل الاول من المستوطنين والسجناء نتيجة تفشي الامراض والمجاعة والعطش.

استمرت الاحوال المعيشية تتأرجح بين علو وهبوط حتى نمت المستوطنة واعلنت سنة 1842 مدينة باسم سيدني.. في هذه السنة تم تأسيس اول مجلس تشريعي للولاية مكون من 36 عضواً منهم 24 منتخباً و12 معيناً من قبل الحاكم.

في تلك الحقبة من الزمن علا نجم سجين في الولاية يُدعى ويليام ردفرن.. وترجع قصته الى سنة 1800 عندما كان يعمل طبيباً في الاسطول البحري البريطاني. إذ قام مجموعة من البحارة بالتمرد ضد قبطان الاسطول اعتراضاً على المستوى المعيشي والاجور الهابطة لطاقم البحرية.. حكمت عليه المحكمة بالاعدام شنقاً..

ولكن خُفِف بعدها الحكم بالسجن المؤبد على ان يقضي مدة العقوبة في استراليا.وصل ردفرن في سيدني عام 1801 وكان اول طبيب مدني يصل الى المستوطنة.. فأسس اول عيادة في سيدني لممارسة الطب فيها.

أجرى له ثلاثة أطباء عسكريين من سلاح البحرية إمتحاناً طبياً نجح فيه ليكون اول طبيب يتخرج في استراليا.أصبح ردفرن صديقاً خاصاً للحاكم ماكواري حيث إنخرط في مجتمع النخبة في سيدني الذي تألف من المستوطنين غير السجناء.

لاقى ردفرن منهم المعارضة والرفض لانه كان مصنفاً كسجين وليس كمستوطن.بالرغم من ذلك عيّن الحاكم مكواري الطبيب ردفرن قاضياً في المحكمة واستمر في منصبه حتى أصبح «بيغ» حاكماً للولاية بدلاً من مكواري.

كان ردفرن خلال تلك الفترة قد جمع المال وامتلك منزلاً كبيراً وسط 100 فدان من الاراضي الزراعية. بنيت محلها محطة السنترال وسميت منطقة ردفرن نسبة إليه. وهو احد مؤسسي مصرف نيو ساوث ويلز الذي تغير اسمه بعد ذلك الى «ويستباك». وبعد ذلك أصدر الحاكم بيغ قراراً يقضي بعدم صلاحية أي سجين سابق في المستوطنة امتلاك أرض او اعطاء اي شهادة في المحكمة.

غادر ردفرن سيدني وتوجه الى ملبورن مطالباً البرلمان البريطاني إصدار قانون يقضي باعتبار السجين في المستوطنة الحاصل على عقد من حاكمها بالحرية مساوياً في مفعوله امر الملك البريطاني.. وفعلاً حصل ردفرن على ذلك الأمر وأصبح بذلك مستوطناً حراً في المستوطنة.

كانت مشكلة المياه لقلتها هي مشكلة المشاكل في القارة منذ إستيطانها. فقد واجهت سيدني شحة في مياه الشرب وتلوثها بحيث كان يستخدم جدول الشرب مع انه كان ملوثاً بسبب دماء المسلخ التي كانت تصب فيه عدا تنظيف الملابس القذرة فيه.

ولإيجاد حل مشكلة مياه الشرب دُعي متخصص في لندن اسمه جون بيزيه الذي بنى سداً للمياه في المنطقة التي تُعرف الآن باسم سانتانيال بارك.

واجه المشروع صعوبات جمة اهمها التكلفة الباهظة وامتناع السجناء عن العمل بالرغم من ان السجين الرافض للعمل او المخل بالقانون كان يُجلد بالسوط كعقاب له.. ووصلفي بعض الحالات الى ألفين جلدة للسجين الواحد حتى لا تبقى في جسمه منطقة واحدة لم يطلها سياط الجلاد وتحول جسده الى لون احمر قاتم.  وبعدما انتهى العمل ببناء السد سنة 1837 تدفق الماء النقي الصالح للشرب الى منطقة سيدني.. وهكذا وضع السجناء حجر الاساس في بناء سيدني.. وأسهموا في تنميتها قبل ان يتوقف تدفق المساجين ويحل محله المهاجرون ليواصلوا مهمة تعمير سيدني حتى اصبحت من اهم واجمل مدن العالم.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى