وطن برس أونلاين

جريدة عربية مستقلة

أخبار اجتماعية أهم الأخبار

كتب وديع شامخ في رثاء أبنته نور ” أنا رخو جدا وهشّ حدّ الفجيعة”

كتب : وديع شامخ 
الى نور ..التي قطفها منجل السماء ..عروسة الأبدية
…..
على ناصية قبرك الوثير بالخضرة والعطر والدموع ، وضعوا تل ورد وحفنة تراب ، كان فريق الدفن بغاية الأناقة كقوامك الوسيم المترع بالجمال ، وكنت رخواً يكلّل السواد روحي قبل بدلتي ، وكأن ربطة عنقي غراب سحيم يتدلى على قدرنا ، يبدو أني لا احتمل مراسيم زفافك الى القبر ، كما اجدتها في عرسكِ ، فشلت يدي الوصول الى اناء التراب الفاخر المُقدم لنا كي نشيع نورتي بحفنة من تراب الوداع ، قلبي قبل يدي خفقا لباقة ورد احتضنت وردة بيضاء كبياض روحك ، لفّفتها بمنديل غارق في دموعي الساخنة ، رميتها على جسدك الطاهر ولوحتك لكِ بالوداع وأمل غامر في اللقاء ثانية هناك ..
على حافة جسدك الملقى بسلام في نعشك الوثير ، كنتُ كخزافٍ أعيد ما تكسر من قوامي ، أرمّم جناح روحي المبلل بالفجيعة ، هكذا اسدلت عيوني الأرضية عن رؤيتك ، وفتحت صنابير عيوني الروحية لأزفك حمامة لسماء زرقاء خالصة ..
هكذا كنتُ رخواً جدا وأرتعش أمام لازورد سمائك الأبدية ، أرخيت لطوفان دمعي أن يُغرق كل سفن العالم ، لكي يبلل رفيف ريش روحك … ، سوادي ليس حزناً لا جزعاً ، هو قلب أب ّ يمزج خضرة رفيف قلبك وجسدك بحريق الوداع ..
أنا هش
عذرا ايها السادة الأشداء ، الرجال الرجال ، الذين يمسكون صنابير دموعهم بصلابة فولاذية ..
عذرا لست منكم
أنا رخو جدا وروحي سعفة نخلة سامقة غدرت بها رياح العاصفة ، ونثرت ضفائرها النيران ، وسخّمت جذعها مواقد الهاوية ..
انا هش جدا
مثل قطعة شكولاتا في فم الموت
…..
عذرا للأهل والأحبة ، الذين سوروني بجبال من العطف والعزاء ، وأنهار دموع ، لست في موقع المعزي ، ولا المودّع ،
أحاول ان ابتكر حكاية ثانية ، لعروس السماء .. لا ابدأ من تاريخ ميلادها .. 25-8-1998
في مستشفى العلوية – بغداد ..
هناك سأرحل لأرش ذبالة فرحتي على باب قسم التوليد ، بعد أن نثرت عافيتي من فرح ومال وأمل يوم جاءت نور، كطيف احمر من جمال وبراءة ..
اليوم على الحافات القصوى للعدم ، استحضر كل تاريخك كشريط لحظة مارقة ،
من تاريخ الفرح الى تقويم الفجيعة ، من ضحكتكِ ورقصتكِ ونطقكِ الحروف بميوعة طفولية ولكنة عذبة ..
استحضرك يا حلمي
وانا ارتعش هشّاً
حين تنساب الحروف من حضن الأبجدية ، تسيح على جدران كل آهات واحزان العالم ، لتصوغ سبائك من الوجع والخذلان والخيبة ..
وقلبي كبيتِ عنكبوت واهن بلا معجزات ..
اشيد اهراماتٍ وبروجاً من الأسى ..
…….
أيّة لغةٍ مائعة تُجيد اعادة خارطة فرحي ولهفتي، ايّة رجولة كاذبة اتدرع بها ؟؟
أنا هش جدا يا بكر فرحتي
ارتعش أمام مقصلة الموت
لم يسع قلبي احتمالها
كأن التاريخ توقف عن التدوين
كأن اللغة ساحت على نيران فجيعتي
كأن الزمن ارتعش مثلي وفقد بوصلة التقويم
…….
نور حلمي وسر سعاداتي
لماذا أصابني خنجر الموت بخاصرة حلمي؟؟
نور وانت تحلقين بأجنحة الفرح ومجاذيف البراءة وقوة الايمان “للهناك” ..
تتلحفين كل المحبة والحسرة والآهات معا ، لكل الذين حولي وحول جسدك الطاهر وهو ينتقل من لحظة المصاب الجلل ، الى كل عزاءات الهمّ والعزاء لكِ وبكِ .. كلهم عشقوا رنين روحك وثقتك برسالتك الإنسانية والروحية ، كنت ملاك الرحمة في عملك ، وملاك الرب في عالمك المليء بالفرح وتمام الختام في سماء العرس الالهي ..
وانا رخو وهش وارتعش
من هول الفجيعة
ورجاء اللقاء هناك
أيّة لحظة حمقاء عاجلتك في الوداع ؟
أيّة خاتمة سوداء لقصة قصيرة جدا !!
وانا هش وارتعش
كطفل في مهد
أيّ حظٍ يمنحني هذا السيل الجارف من الضعف أمام جبروت الموت واجنحة روحك المعطرة بشهقات الأنين ؟؟
نور نوري يا نور
اشمّ حرائق روحي وهي تلوّح لك بالوداع
أتنفس بحرقة
قسمات وجهك وعذوبتك لحظة نومك الأبدي في نعشك المهيب بالبياض والعطر ..
……
الآن فقط يا عروسة السماء استعيدك عطراً وانصب لك شمسا من قوام مملوح بالفرح ..
وانا هش ورخو جدا
سأقيم لك كرنفالات من كل هذا العزاء ..
لروحك وهي ترفرف في سماء ناصعة الزرقة
لروحك وهي تطير الى عرسك الأبدي
لجسدك الذي عطّر تراب سيدني
لا عزاء لي سوى أني سأبقى هشا ورخواً أمام جبروت الموت وفرح الرجاء بقيامة ثانية معك.
لا عزاء لي سوى
انك تركت اسوار قبرك والتراب الذي وارى نعشك الطاهر
و بنيتي في كل قلب فرحة ، وفي كل عين دمعة ، وفي كل حلم أملا ..
عزائي الأكيد
انكِ قسمّت روحك في جسوم كثيرة
وخففتِ من وطء ثقل قدميك على هذه الأرض التي تحمل موتى نحبهم ..
عزائي
أراه في كل شهقة وداع وتلويحة رجاء ، ودموع ساخنة وصمت مقدس لكل من شهد لك بحياتك العامرة بالفرح .
عزائي
هي قصور من الوفاء والمحبة والدموع والصلاة لروحك التي زرعتِها هنا
وطرتِ الى الهناك
عروسة السماء الأبدية
عزائي انك معي في عيون كل الناس
انا هش وارتعش
ورخو
على رجاء اللقاء بكِ
……

اترك ردا

Developed and designed by Websites Builder Ph:0449 146 961