زيد الحلي*

كشفت التغطية الإعلامية للعدوان الصهيوني الأخير والمستمر، بما اتسم به من عنف فج ووحشية، عن مشهد إعلامي عربي مأزوم، انقسم بين انحياز واضح للعدوانيين، او حياد مُلفَّق، او خطاب تعبوي انتهى زمنه !
إن تباين الأداء الإعلامي العربي لم يكن مفاجئا، لكنه بدا أكثر وضوحا في هذا الملف شديد الحساسية، حيث “تموضعت” الشاشات والمنصات وفق الانتماءات السياسية والمذهبية. فقد رفعت قنوات عربية رايات التأييد لـ ” المعتدي والمعتدى عليه”، بشكل علني، واستخدمت لغة العداء المطلق أو البطولة المجردة، وغابت عنها أي محاولة لتقديم وجهات نظر متعددة أو نقاشات متزنة.
وفي المقابل، اختارت بعض الجهات الإعلامية خطاب الحياد، لكنه لم يكن حيادا مهنيا بقدر ما كان تهربا من تبني موقف واضح، أو تغليفا للموقف الحقيقي بلغة رمادية!
الأسوأ من هذا وذاك، هو ذلك الخطاب التحريضي الذي اتكأ على الانفعالات والغرائز، وامتدّ ليزرع الانقسام في الداخل العربي، ويحول العدوان الصهيوني إلى انشطار اجتماعي وثقافي.
قلة قليلة من المؤسسات الإعلامية استطاعت أن تحافظ على توازن مهني نادر، وقدّمت تغطية تستند إلى وقائع العدوان لا إلى الانفعالات ، وتخاطب وعي المتلقي لا غرائزه. هذه الأصوات أثبتت أن الإعلام يمكن أن يكون مساحة للفهم، وأن المهنية ليست ترفا ، بل ضرورة في زمن تعصف فيه الحقائق وتضيع فيه البوصلة.
في ظل هذا المشهد، يبدو أن الأزمة ليست في العدوان بحد ذاته، بل في الطريقة التي نُعرف بها الإعلام ودوره. هل هو أداة تعبئة؟ أم منبر للتفكير؟
السؤال يظل مفتوحا، والإجابة مرهونة بإرادة من يقف خلف الكاميرا، وأمام المذياع أو الحاسوب، ليكتب تحليلاً أو مقالة أو تعليقًا.
لعن الله كل من يؤيد عدوانا صهيونيا على أي بلد عربي أو مسلم، باطنا أو علنا، فالصهاينة هم العصابة الغضبية الملعونة؛ عصابة الكذب والطغيان، والفسوق والعصيان، والكفر والإلحاد. هم جماعة ممقوتة لدى الشرفاء، لفظاظة قلوبهم، وشدة حقدهم وحسدهم، ولعِظم بغيهم وطغيانهم. إنهم طبيعة وحشية وهمجية لا يباريهم فيها أحد. لا بارك الله في كل من أيّد عدوانا صهيونيا، في كل زمان ومكان.
* كاتب وصحفي عراقي
* المقال منشور في صحيفة الصباح