Sliderتحقيقات

نهلة البياتي..سونار الانسانية

البصرة/ جاسب عبد المجيد 
جمعتنا جلسة في مقهى النخلة الذهبية في شارع الفراهيدي, أنا والموسيقار الدكتور ناصر هاشم, والباحث والفنان مجيد عبدالواحد والفنان كريم شنيار, واتفقنا على أن نلتقي شهرياً للحديث عن الإيجابيات فقط, سواء حالات أو شخصيات, لأننا في حاجة إلى اكتشاف الحقائق المضيئة المنسية.
اليوم, سأكتب عن شخصية نسوية وضعت البصرة في قلبها وعقلها, وهي تسكن البصرة أيضا. تابعتُ هذه الشخصية منذ زمن طويل, حينما كنتُ ألاحق الظواهر والمتغيرات في المدينة البهية بصفتي صحفياً.
نهلة عبد سلمان البياتي, الخبيرة وطبيبة السونار الشهيرة, كانت ومازالت قريبة من المتعففين والمتعففات, تبحث عنهم, قبل أن يبحثوا عنها.
في أيلول 1996, وقبل الهجرة إلى أرض الله الواسعة, كنت عائداً من بغداد وسمعتُ أن المرض الخبيث قد نال من الفنان الراحل طالب جبار, فتوجهت إلى منزله ليلا.. لم أصدق التقارير الطبية حينذاك من شدة الصدمة, وقررنا نقله إلى عيادة الطبيبة الخبيرة نهلة البياتي, فأدّت الواجب من دون أن تأخذ أجور الفحص, وقالت: “لرموز العراق حق علينا.”
شعرت الدكتورة نهلة أن المحنة محنتها, وتعاطفت معنا بقوة.
في وقت لاحق, طلبت الطبيبة نهلة مني أن أرسل لها النساء المتعففات غير القادرات على دفع أجور الفحوص, لفحصهن مجانا, فهي تعرف أن مهنتي في عالم الصحافة تتيح لي معرفة الكثير من هذه الحالات, وأصرّت أن يبقى عملها الخيري سرا ليس للنشر, فهو عقد بينها وبين الله كما تراه, أو كما فهمته أنا في ذلك الوقت.
خلال زيارتي الحالية للمدينة البهية, دفعني فضولي إلى متابعة أفعال الخير السابقة والحالية للعديد من أفراد المجتمع, فوجدتً أن الطبيبة نهلة قد وسّعت عملها الخيري, حيث تقتطع ساعتين يوميا من عمل عيادتها الخاصة من أجل العمل في أغلب فروع سبع سنابل الخيرية, أي 30 يوما في الشهر.
عرفتُ هذه المعلومة من عدد من الأصدقاء, ثم تابعتُ الأمر مع آخرين, فشعرتُ بسعادة بالغة, لأن هذا التطوع يكشف موقفاً انسانياً يمكن أن يتكاثر من أجل خدمة المجتمع.
ليس فحص المتعففات مجاناً هو عملها الانساني الوحيد, فهي سبق أن درّبت العديد من أطباء وطبيبات السونار بكل إخلاص من أجل مصلحة المجتمع .
ما أعرفه أيضا, أن الطبيبة نهلة تلقت عدداً من العروض للعمل في مشفيات ثرية خارج العراق, لكنها رفضت الأمر من أجل المتعففات في البصرة.
هذه الطبيبة لها ثلاث بنات, خرّجت مهندستين معماريتين وثالثة تدرس الطب, هي في الحقيقة تمارس دور الأب والأم في الوقت نفسه.
سجّلوا في دفاتر ملاحظاتكم, وفي الذاكرة, أن نهلة عبد سلمان البياتي أيقونة بصرية في المجال الطبي, والانسانية لديها مبدأ ثابت لا يتغير.
أتمنى أن البصرة غنية بأهلها وبكرمائها.
تكتب الدكتورة نهلة مذكراتها لكي تكون منارة للجيل الجديد.
اكتبوا عن شخصيات البصرة الكريمة, المبدعة, واذكروا من دون خوف كل المواقف الانسانية, فنحن أهل القيم الحميدة, والنخوة, والطيب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى