Sliderالعراق

ممثلة الأمم المتحدة في العراق بلاسخارت،تدعو السياسيين إلى اغتنام الفرصة لإخراج البلاد من دوامة الهشاشة وانعدام الاستقرار

عقد مجلس الأمن الدولي صباح الخميس، إحاطة مفتوحة حول الوضع في العراق، تحدثت خلالها الممثلة الخاصة ورئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، جانين هينيس-بلاسخارت، حول التطورات الأخيرة في البلاد.

وبالإضافة إلى ممثلي الدول الأعضاء، تحدث الدكتور أحمد، مدير منظمة الصحة والرعاية الاجتماعية في العراق (IHSCO)، مشددا على أهمية تطهير أرض العراق من الألغام والذخائر المتفجرة التي مازالت تمثل عقبة أمام العودة الآمنة والكريمة للعراقيين، وتشكل تهديدا كبيرا لحياة الناس.

دعوة إلى تغليب مصلحة البلد على المصالح الفردية

وفي إحاطتها استذكرت الممثلة الأممية الخاصة إنشاء بعثة يونامي عام 2003 والهجوم الذي وقع في بغداد وأودى بحياة 22 من موظفي الأمم المتحدة، بمن فيهم سيرجيو فييرا دي ميللو، الممثل الخاص السابق، كما أدى إلى إصابة 150 من الزملاء هناك.

“وبينما سقط هؤلاء ضحايا للعنف الذي التزموا بإيقافه، واصلنا عملنا”، كما أشارت السيدة هينيس-بلاسخارت، معربة عن شكرها للحكومات العراقية المتعاقبة على علاقة العمل البناءة مع البعثة.

هينيس-بلاسخارت أكدت في كلمتها أن التحديات التي تواجه العراق لم تظهر بين ليلة وضحاها وليس هناك حكومة قادرة على حل كل المشاكل بمفردها. ودعت الأحزاب السياسية والأطراف الفاعلة الأخرى إلى تغليب مصلحة البلد على كافة المصالح الأخرى، قائلة إن “ذلك يمثل مسؤولية مشتركة وسيبقى كذلك”.

وبما أن أي حكومة ستحتاج إلى الوقت والدعم السياسي الواسع للمضي بالعراق قدما، أكدت الممثلة الخاصة على أهمية إدارة التوقعات العامة. إذ يمكن أن يؤدي الإفراط في الوعود وعدم الوفاء بها إلى عواقب وخيمة، على حد قولها مضيفة أن “تلطيف الموقف لن يؤدي إلا إلى زيادة مشاعر الإحباط وخيبة الأمل”.

إشراك العراقيات في صنع القرار

قبل نحو ثلاثة أشهر، منح مجلس النواب الثقة لرئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وحكومته الجديدة – منهيا بذلك أكثر من عام من التوترات والخلافات السياسية والتلاعب بالسلطة، على حد تعبير الممثلة الخاصة.

ونوهت بلاسخارت بوجود ثلاث وزيرات في الحكومة التي تتألف من 23 وزيرا. وقالت إننا ننتظر بفارغ الصبر زيادة عدد النساء في مواقع صنع القرار. بالنظر إلى المستقبل، لا يمكن لأحد أن يتوقع حل تحديات العراق بين عشية وضحاها، لكنها أصرت على النظر إلى الأمور بإيجابية.

مكافحة الفساد وإصلاح الاقتصاد

وأشارت الممثلة الخاصة من جديد إلى أنه منذ عام 2003، تم إهدار الكثير من الفرص لإجراء إصلاح ذي مغزى ومطلوب بشدة، مع التأكيد على أن الفساد المتفشي هو أحد الأسباب الرئيسية للاختلال الوظيفي في العراق.

وأوضحت أن الوقت قد حان للعمل بشأن العديد من القضايا الرئيسية، وأن النافذة للقيام بذلك هي فترة وجيزة فقط. وشجعت الحكومة العراقية على المثابرة، قائلة إن “أولئك الذين سيتضررون من ذلك سيسعون بلا شك إلى عرقلة هذه الجهود”. غير أنها شددت على أهمية المساءلة موضحة أن “هذا يعني عدم إعطاء أي فسحة من الوقت للذين يسحبون موارد الدولة لخدمة مصالح خاصة أو غيرها”. وأضافت أن “التغيير الممنهج سيشكل أهمية قصوى”.

وقالت هينيس-بلاسخارت إنه من الضروري إقرار الميزانية الاتحادية على وجه السرعة. وحذرت من “الإجراءات التي ستؤدي إلى زيادة تضخّم قطاع الخدمة العامة في العراق”، ودعت إلى “إيلاء الأولوية للتنويع الاقتصادي، بما في ذلك تطوير قطاعٍ خاص له القدرة على خلق فرص عمل”.

حقوق الإنسان

بحسب الممثلة الخاصة، هناك العديد من المجالات الأخرى التي تتطلّب اهتماماً عاجلاً من الحكومة العراقية؛ منها على سبيل المثال لا الحصر: التحديات البيئية الكبيرة، مروراً بأهمية استقلال الطاقة، واستمرار عودة المواطنين العراقيين من مخيّم الهول وغيره من المخيمات والسجون في شمال شرق سوريا، والحاجة إلى تنفيذ اتفاق سنجار بسرعة، والانتهاء من حوار كركوك الذي طال انتظاره، والانتقال من مرحلة الاستجابة الإنسانية تجاه مرحلة الحلول الدائمة والتنمية، إلى مسائل مثل التعديلات الدستورية وإحراز تقدّم جوهري في إصلاح قطاع الأمن.

لكنها شددت بشكل خاص على حماية حقوق الإنسان، مقتبسة من كلمة سيرجيو فييرا دي ميللو – قبل أن يسافر إلى بغداد عام 2003 – حيث قال: “أعتقد أن احترام حقوق الإنسان هو الأساس المتين الوحيد لتحقيق السلام الدائم والتنمية”.

وقالت الممثلة الأممية الخاصة إن “إسكات النقد البناء، أو إعاقته، أو رفضه، أو تقويضه يحقّق شيئاً واحداً فقط؛ ألا وهو تشويه صورة البلد وتقويض ثقة الشعب. في حين أن تشجيع الخطاب العام يمكّن المؤسسات من الازدهار والتكيّف”.

العلاقات بين بغداد وأربيل

ولفتت المسؤولة الأممية الأرفع في العراق الانتباه إلى برنامج الحكومة الذي عبر عن الالتزام بحلّ المسائل العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، بما في ذلك تشريع قانون النفط والغاز في غضون ستة أشهر.

وأعربت عن الأمل في ألا يؤدي قرار المحكمة الاتحادية العليا الأخير إلى إعاقة المفاوضات الجارية بشأن الميزانية الاتحادية. “نأمل بدلا عن ذلك أن يكون لدى كل من بغداد وأربيل الحافز للوصول إلى ترتيبات دائمة للابتعاد عن استمرار حالة إدارة الأزمات”.

وحول الشأن السياسي في إقليم كردستان، قالت بلاسخارت إن تداعيات الانقسامات بين الأحزاب الحاكمة في إقليم كردستان ما زالت تخلف آثارا سلبية على مؤسسات الإقليم وشعبه. وقالت “هناك حاجة ماسة إلى تسويات سريعة للخلافات النقدية والإدارية والأمنية والانتخابية العالقة”.

انتهاكات السيادة العراقية

كلمة الممثلة الأممية الخاصة لم تخل من الإشارة إلى الانتهاكات التي تمس السيادة العراقية، قائلة إن “إيصال الرسائل عبر القصف لن يؤدي إلا إلى زيادة التوترات على نحوٍ متهور ويتسبب بقتل الناس وتدمير الممتلكات”.

وشددت في هذا السياق على أهمية اللجوء إلى الوسائل الدبلوماسية القائمة التي في متناول الجميع، وكذلك عندما تواجه دول الجوار تهديدات متصورة للأمن القومي. ولكي يتمكن العراق من زيادة تعزيز استقراره الدبلوماسي، دعت بلاسخارت الجميع إلى العمل على “توفير بيئة مواتية”.

مسألة المفقودين الكويتيين ورعايا البلدان الأخرى

وفيما يتعلق بمسألة المفقودين الكويتيين ورعايا البلدان الأخرى والممتلكات الكويتية المفقودة بما في ذلك الأرشيف الوطني، رحبت الممثلة الخاصة، كل الترحيب “بالخطوات التي اتخذتها الحكومة العراقية لتشجيع المزيد من الشهود للإدلاء بشهاداتهم”.

كما أثنت على التعاون المستمر بين أعضاء اللجنة الثلاثية فيما يخص توفير صور الأقمار الاصطناعية، “إذ أنهما عاملان أساسيان لجهود تحديد مواقع دفن محتملة أخرى”، على حد تعبيرها.

وفي ختام كلمتها أعربت الممثلة الأممية الخاصة عن شعورها بالأمل ولكن أيضا بالإلحاح، موضحة أن “الأمل يتمثل في أن يتيح تشكيل الحكومة العراقية الجديدة الفرصة لمعالجة المسائل الملحة والمتعددة التي يواجهها العراق وشعبه بشكل مؤسسي”.

“أما الشعور بالإلحاح فيتمثل بضرورة أن تغتنم الطبقة السياسية العراقية الفرصة القصيرة التي أتيحت لها وأن تخرج البلاد أخيراً من دوامة عدم الاستقرار والهشاشة”.

الذخائر المتفجرة ما زالت تحصد أرواح العراقيين

يعد العراق من أكثر دول العالم تلوثا بالذخائر المتفجرة. يتكون هذا التلوث من كميات كبيرة من أنواع مختلفة من المتفجرات من مخلفات الحرب المسجلة وغير المحددة كمياً في جميع أنحاء البلاد.

وجاء التلوث نتيجة الحروب والصراعات المتتالية بما في ذلك الحرب الإيرانية العراقية، وحروب الخليج وآخر صراع مع داعش عندما ظهرت حقبة جديدة من أنواع غير مسبوقة من العبوات الناسفة.

وقال الدكتور أحمد، مدير منظمة الصحة والرعاية الاجتماعية في العراق (IHSCO) أمام مجلس الأمن اليوم، إن مناطق مدنية عديدة عانت بسبب المعارك البرية والقصف الجوي، موضحا أن “التلوث بالذخائر المتفجرة يعيق الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية اليومية العادية، وجهود الاستقرار وإعادة الإعمار والتنمية والعودة الآمنة للنازحين إلى أوطانهم”.

وأضاف أمام الهيئة المؤلفة من خمسة عشر عضوا أن “التلوث الواسع للمخاطر المتفجرة يعيق المساكن والطرق والزراعة والري والصناعة والبنية التحتية”.

وفقا لمصفوفة المنظمة الدولية للهجرة للنزوح، بحلول نهاية عام 2022، لا يزال هناك حوالي 1.2 مليون شخص نازح في جميع أنحاء البلاد فيما يعد معدل العودة منخفضا للغاية. وفي هذا السياق أشار الدكتور أحمد إلى أن “حوالي 13 بالمائة من النازحين داخليا لا يستطيعون العودة إلى مناطقهم الأصلية بسبب التلوث بالذخائر المتفجرة”.

وكانت بلاسخارت قد أثنت في كلمتها على العمليات الوطنية لإزالة الألغام، وبضمنها تخصيصات الميزانية الوطنية. بيد أنها لفتت الانتباه إلى أن “القطاع وبشكل عام ما يزال يعاني من نقص التمويل”. الأمر الذي يدفع ثمنه المواطنون العراقيون.

في عام 2022، كانت المتفجرات من مخلفات الحرب تشكل السبب الرئيسي في وقوع ضحايا من الأطفال في العراق وتسببت بشكل عام في سقوط ثلث الضحايا في صفوف المدنيين. وكان آخر الضحايا أطفال في نينوى يوم 16 كانون الأول/ديسمبر 2022. إذ خرج أربعة أطفال تتراوح أعمارهم بين 8 و 9 سنوات بعد ظهر يوم الجمعة للعب بالقرب من ضريح تاريخي في ضواحي قريتهم. وقد صادفوا جسما معدنيا عبثوا به، فانفجر بعد أن رشقوه بالحجارة. وأسفر ذلك عن مقتل 3 أطفال وإصابة الرابع. وفي هذا السياق دعت الممثلة الأممية الخاصة مرة أخرى “المجتمع الدولي إلى مواصلة دعمه”.

العراق يدين “الخروقات الإيرانية والتركية”

 السيد سرحد سردار فتاح، نائب المندوب الدائم للعراق لدى الأمم المتحدة، يلقي كلمة أمام جلسة مجلس الأمن بشأن الوضع في العراق.

من ناحيته، أكد القائم بالأعمال في بعثة العراق الدائمة لدى الأمم المتحدة، سرحد سردار فتاح، في كلمته على تواصل اللقاءات والحوارات بين حكومتي بغداد وأربيل لحسم القضايا المهمة، من بينها النفط والغاز وتوزيع العوائد النفطية وعوائد الجمارك، وتعيين رئيس للجنة الخاصة بالمادة 140 من الدستور.

كما أكد في الملف الأمني على أن العراق ملتزم بالتعاون مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة والوكالات المتخصصة لمكافحة الإرهاب والقضاء عليه نهائيا، وضمان المساءلة القضائية والمتابعة الأمنية، ودعم الضحايا، مع التأكيد على أهمية توصل الأمم المتحدة إلى تعريف موحد لمصطلح “الإرهاب”.

أما بشأن “الخروقات التركية والإيرانية”، فقال القائم بالأعمال: “يدين العراق بشدة الاعتداءات التركية والإيرانية المتكررة على الأراضي العراقية بحجة الدفاع عن النفس وتذرعا بالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة”.

وفي هذا السياق أكد السفير فتاح، أن “العراق يجدد التزامه الدستوري بعدم انطلاق أي تهديدات من أراضيه تجاه جيرانه، ويؤكد رغبته باعتماد الحوار الثنائي معهم لإيجاد الحلول السلمية ومعالجة المشاكل الداخلية لكل دولة داخل نطاق حدودها، لا خارجها”.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى