مقالات

دولة الفقهاء .. وفقهاء الدولة!

احمد الياسري / سدني 

الحاجة للتقليد الاصولي النمطي وفق التطور المعلوماتي الهائل الذي يشهده عالمنا أصبح تأثيرها محدوداً ، الفضاء المعلوماتي العالي جداً يتيح للمقلد ان يطلع على آراء كل المرجعيات بضغطة زر ، الامر الذي جعل بعض الفقهاء كسيد كمال الحيدري يطرحون فرضيات الفقه الالكتروني ويناقشون علاقة الدين بالشبكة العنكبوتية وهذا دليل على ان المراجع يدركون حجم التغير والتطور بالافكار ونمط الحياة لذلك المرجع الذي يتقاطع مع النت قد يفقد جمهوره ، المرجعيات أصبحت تقلد جمهورها وليس العكس وتدرك خطورة حضورهم في العالم الافتراضي وقدرتهم على صناعة رأي نقدي مضاد .
_ الزعامات الشابة التي ورثت الحضور السياسي العائلي كالحكيم والصدر ساهمت بخلق مساحة منافسة للمرجعيات بصناعة الراي العام الشعبي الامر الذي جعل مرجعية النجف ترسم خطوط تفاهم وتماس مع جمهور هذه الزعامات الشابة التي مزجت الارث الديني بالسياسي ولَم تعد القيادة الدينية بالنجف تحتاج لأعلمية اصولية بعد ان امتزجت بالسياسة.

_ التداخل الخطير بين فقه الدين وفقه الدولة والمجتمع في عصر الديمقراطية جعل المرجعية النجفية تحرص على إثبات حضورها الجماهيري الدائم عبر صلوات الجمعة . حالة التجهيل العام الذي رسخته الأحزاب الدينية في الشارع الشيعي للعب على عواطف الناخبين المذهبية جعل الشارع لا يميز بين وظائف المرجع والشرطي لذلك يطالب المرجعية باتخاذ مواقف سياسية ودينية واجتماعية وحتى فنية والكتروتية الى درجة بدأت حتى السلع الاقتصادية يتم الترويج لها بالمرجعية ، وهذه حالة لم تحصل بالتاريخ الشيعي .

_ من الجانب الخارجي تتعرض النجف لهجمة إيرانية لا يعلمها الا المطلعون على الصراع القمي النجفي لقيادة العالم الشيعي تستخدم ايران به نفوذها السياسي وهو ما أحرج النجف التي تحرص على تبني الفكرة الشيعية الكلاسيكية فكرة الانتظار والتقية والتمهيد والقيادة الروحية وبين طموح قم الذي يريد تحويل الأمة الشيعية لأمة حزب الله بقيادة ولي دولة الفقيه الذي انتفض على فكر مرجعيات الانتظار وترقب المهدي لذلك تحاول النجف ان تمسك العصا من المنتصف وهو ما يضطرها لإعلان تحالفات غير معلنة لصد النفوذ وترتيب الاوراق في بعض الأحيان الذي يتصوره البعض دوراً سياسياً ،
#الخلاصة:
_المرجعية الدينية كيان مؤسسي ديني مثله مثل الأزهر اقحامها بالصراعات السياسية هو خدمة للأحزاب الدينية خصوصاً وان المرجعية رأيها واضح بخصوص الدولة المدنية ورفض النظام السياسي الديني اتفهم ان يطالب الايرانيون ولي الفقيه باصلاح سياسي لكن لا يمكن ان اتفهم مطالبة العراقيين السيستاني بفتوى ضد الفساد لأول مرة اكتشف ان السرقة تحتاج لفتوى تحرمها .
_ ابعاد المرجعية عن الصراع السياسي هو خدمة للديمقراطية أولاً ورفض الوصاية الدينية على النظام السياسي ثانياً فلايعقل ان نطالب بنظام مدني مستقل ونحن نقحم رجل الدين بكل صغيرة وكبيرة ونريد ان ندير البلد بالفتوى وليس الدستور الذي يخضع له العراقيون جميعاً بما فيهم السيستاني نفسه .

_ تأليه المرجعية وإعطاء المرجع صفة اعلى من الانبياءوالائمة بالمقابل شيء لم يقل به الأنبياء أنفسهم الحسين سيد شباب أهل الجنة سحق العراقيون جثته وقطعوا أولاده وسبوا عياله فمن هو المرجع من الحسين حتى نحوله لصنم ونعيده .
_ اضععاف المرجعية النجفية تقوية للنفوذ الإيراني لأختلاف المنهج والمشروع والفكر بين المرجعية النجفية والايرانية .

_حاشية المرجع والمتحدثون باسمه هم شخصيات قد يكون بعضها تافهاًوقد يكون البعض الاخر فاسداً وسارقاً لا يمكن ان ينعكس فسادهم وتفاهتهم على المرجعية كمؤسسة وكقيادة روحية فقط لذلك لا اعرف لماذا يصر البعض على نشر فساد حاشية السيستاني وقصورهم بلندن؟ النظام الذي تتبعه المرجعيات بشكل عام نظام يحتاج لتغيير لأن آليته لم تتغير منذ زمن الغيبة الصغرى الى يومنا .هذا السيد فضل الله ربما كان النموذج الأكثر عصرنة بإدارة أموال مرجعيته حين حولها لمشاريع إنسانية اما باقي المرجعيات فقد تحولت حاشياتها لأباطرة وهذا ليس سراً وانا مستعد ان انشر لكم أموال وقصور وكلاءالمرجعية باستراليا نموذجاً حتى المساجد سجلت بأسماء ابنائهم ولكن ماعلاقة هذا الموضوع بمطالب المتظاهرين ؟
_ شخصية السيد السيستاني شخصية عظيمة ورجل محبة وسلام أنا شخصياً اعتبر مرجعيته تنافس مرجعية ابي الحسن الاصفهاني وهو ليس الفقيه الذي يحتجز الدولة لكنه فقيه الدولة الذي يسهم بتوظيف حضوره الروحي بالمجتمع لإزالة مهددات ديمومة واستمرارية بقاء الدولة.

  • كاتب وباحث  عراقي مقيم في سدني
  • مدير تحرير جريدة العراقية الصادرة في سدني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى