Sliderإسرائيل

هل سرقت اسرائيل الملف النووي الايراني عبر اذربيجان؟

كتب / فادي عيد

نفت وزارة خارجية أذربيجان رسمياً أول أمس الاخبار الواردة حول استخدام الاستخبارات الإسرائيلية أراضي أذربيجان في عملية خطف أرشيف إيران النووي، فقد صرح رئيس دائرة الصحافة في وزارة الخارجية حكمت حاجييف، قائلا: “أن المؤسسات الحكومية المعنية في أذربيجان درست المعلومات الواردة، ويمكننا أن نقول بكل ثقة إن هذه المعلومات غير صحيحة، وجميعها كذب”.
وجاء ذلك النفي كتعليق على المعلومات الواردة في صحيفة “الجريدة” الكويتية حول عملية اختطاف أرشيف البرنامج النووي لإيران ونقله إلى إسرائيل عبر أراضي أذربيجان المجاورة، بعد أن ادعت الصحيفة أن الاستخبارات الإسرائيلية أجرت عملية جريئة، سُرقت من خلالها الأرشيف النووي الإيراني فى 8يناير الماضي وتم نقله عبر أراضي أذربيجان”.
وهنا سنقف عند نقطين، النقطة الاولى صحيفة “الجريدة” الكويتية التى باتت مريبة فى أخبارها بالاونة الاخيرة، فهي الوحيدة التى نشرت خبر اختراق مقاتلاتان F35 اسرائيليتين للاجواء الايرانية والقيام بمهام استطلاعية على بعض المواقع النووية بالشهر الماضي، وهو الخبر الذى اثار ضجة بحكم أهميته، والان تعود بنشر خبر تدعي فيه سرقة الاستخبارات الاسرائيلية للملف النووي الايراني عبر اذرابيجان، وهي أيضا الوحيدة التى نشرت خبر مثل ذلك، وترك الخبر صدى واسع مما أجبر خارجية اذرابيجان للرد، بعد أن باتت فى وضع الاتهام.
فصحيفة “الجريدة” الكويتية باتت عليها علامات استفهام كثيرة ومريبة، فما فائدتها من نشر أخبار مثل تلك؟ ولصالح من؟ وما سر التوجه الجديد فى طبيعة أخبارها الصحفية؟ ولماذا تغرد وحدها خارج سرب الصحافة الكويتية التى تسير على نهج السياسة الخارجية للكويت البعيدة عن التناطح الدائر بين السعودية وايران؟.
وهنا سننتقل للنقطة الثانية وهي دولة اذرابيجان، ومن الطبيعي ان يكون أول سؤال لدى القارئ هو هل حقا اذرابيجان ساندت اسرائيل فى امر مثل ذلك او غيره ضد ايران؟، وبتأكيد نحن لا نملك رد قاطع عن دور اذرابيجان فى تلك النقطة تحديدا، ولكن نملك الكثير عن طبيعة علاقاته باسرائيل، وهو الامر الذى يفرض علينا طرحه على حضراتكم.

فبحكم موقعها الجغرافي وحدودها مع داغستان وروسيا وجورجيا وارمينيا وايران، وبحكم تاريخها قبل ان تكون واحدة من الست دول التركية المستقلة بمنطقة القوقاز، ولما تمثله من اهمية تاريخية لتركيا واقتصادية لميناء جيهان التركي بحكم خط أنابيب نابوكو، ومدى اهمية موقعها الجغرافى خاصة لدى كلا من روسيا الاتحادية والاستخبارات الايرانية التى تمثل لها أذربيجان ثانى اكبر دولة انتشار لعناصرها، فكلما ارادت أذربيجان ان تغضب الجارة الجنوبية ايران كانت تفتح ملف قضية “اذربيجان الجنوبية” او “الجنوب المحتل” كما تسميها العاصمة الاذرية باكو، وغالبا كان يأتى الرد من طهران بسحب السفير الايرانى من أذربيجان يلاحقه تحليق طائرات ايرانية فوق الاجواء الاذرية.
ومن هنا كانت توجهات السياسة الخارجية للدولة الاذرية تتشكل وكذلك العسكرية والاستخباراتية أيضا، كما انها وجدت من يتقدم لها ويقرع باب بيتها وهنا يجب ان نسلط الضوء على الدور القوى الذى لعبه وزير الخارجية الاسرائيلي أفيغودور ليبرمان لكى يضع حدود الدولة الاذرية ذو الاغلبية المسلمة على خطوط تماس نفوذ اسرائيل.

فبعد ان تم رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين اسرائيل وأذربيجان وزيادة عدد الزيارات المتبادلة بين وفود الدولتين على كل المستويات والتخصصات وبفضل التعاون بين مسئولي الاعلام بأذربيجان وخبراء متخصصين بصناعة الاعلام الاسرائيلي بات أسم وعلم دولة الاحتلال امرا مقبولا ومهضوما للرأى العام بأذربيجان، وأصبحت دولة الاحتلال بالصورة الذهنية للرأى العام الاذري كجنة عدن، وباتت اسرائيل اهم الاماكن السياحية التى يقصدها السياح الاذريون والعكس صحيح، بل ذهب أفيغودور ليبرمان لما هو ابعد من ذلك حتى بات لاسرائيل مقر استخبارات وموئلاً لفرق الاغتيال والتصفية ونقاط عديدة لعناصر الموساد لكي تشكل أذربيجان بذلك نقطة انطلاق تجاه حدود ايران الشمالية ونقطة حيوية للتوغل فى دائرة الدول المحيطة بأذربيجان.

كما أن مؤشر التعاون العسكرى بين اسرائيل واذرابيجان أرتفع بشكل ملحوظ خاصة بعد موافقة الحكومة الاذرية على السماح لمختلف الطائرات العسكرية الإسرائيلية باستخدام المطارات الأذرية، مع العلم بوجود العديد من الطائرات العسكرية الإسرائيلية لاغراض التجسس والتصوير وجمع المعلومات وتحديد الأماكن بدقة ومنها طائرات بدون طيار ذات تقنية عالية جدا مزودة بمعدات تعطيها القدرة لاختراق الكثير من المناطق السرية والخفية بأيران وروسيا، كما أن اسرائيل أعلنت أكثر من مرة رغبتها الواضحة فى بناء قواعد ومنصات صواريخ متقدمة بأذربيجان.
كما تمد شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية أذربيجان بمجموعة كبيرة من المنتجات العسكرية منها طائرات بدون طيار وطائرات تجسس وأنظمة دفاع مضادة للصواريخ وصواريخ مضادة للطائرات، وما لا يعلمه الكثيرين أن باكو تمد تل أبيب بثلث حاجتها من مصادر الطاقة المختلفة.

وعلى المستوى الثقافى تم أنشاء مركزاً للثقافة الإسرائيلية ودور للعبادة اليهودية وبات هناك تواجد مكثف للمراجع الدينية والتلمودية بأذربيجان، وعلى المستوى التجاري فيبلغ حجم التبادل التجاري بين إسرائيل وأذربيجان 4 مليارات دولار سنوياً، شمل مختلف القطاعات الاقتصادية كما ان لاسرائيل العديد من المراكز التجارية بأذربيجان.

نعم اذرابيجان لم تعد أرض قاحلة بنسبة للخريطة السياسية والجيوستراتيجية وباتت احد اهم مراكز الطاقة ونقاط الاستخبارات سواء بين الدول والقوى المستحدثة او الامم العائدة، كما انها ساحة جيدة لكى تستضيف اراضيها بعض معارك تلك القوى خارج حدود ارضها، وكالعادة ذهب لها الموساد قبل الجميع، ففى الوقت الذى قد لا تكون لبعض الدول العربية والاسلامية سفارات باذرابيجان كان لاسرائيل مراكز استخبارات ومباني تجارية ضخمة واستثمارات كبيرة، والهدف محاصرة ايران من الشمال، والتواجد على حدود روسيا وتركيا، وكي تكون اذرابيجان لاسرائيل نقطة انطلاق قوية سواء استخباراتية او اقتصادية بمنطقة القوقاز، وقد كان الامر.

باحث ومحلل سياسى بشوؤن الشرق الاوسط
fady.world86@gmail.com


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى