Sliderمصر

المفكر العراقي عبد الحسين شعبان يفتتح أعمال المؤتمر التأسيسي لمجموعة السلام العربي

 كلمة الافتتاح لمجموعة السلام العربي القاهرة 13 أكتوبر / تشرين الأول 2022 لجامعة الدول العربية

عبد الحسين شعبان

عبد الحسين شعبان

فخامة الرئيس علي ناصر محمد  ..أصحاب المعالي والسعادة

السيدات والسادة.. الزميلات والزملاء (مع حفظ الألقاب)

أحييكم في هذه الأصبوحة القاهرية المشرقة الجميلة. واسمحوا لي أن أفتتح أعمال المؤتمر التأسيسي لمجموعة السلام العربي، بالتأكيد أن قضية السلم هي جزء لا يتجزأ من قضية العدالة والتنمية، وقد أكّد ميثاق الأمم المتحدة على حفظ السلم والأمن الدوليين، باعتباره من صلب مقاصد المنظمة الدولية ، خصوصًا باعتماد الحل السلمي للمنازعات الدولية وعدم استخدام القوّة أو التهديد بها في العلاقات الدولية.

ونصّت المادة الخامسة من ميثاق جامعة الدول العربية (التي تأسست في 22 آذار / مارس 1945)، على عدم اللّجوء إلى القوّة، ودعت إلى التوسّط في حلّ النزاعات التي تنشأ بين دولها أو النزاعات بين دولها وأطراف ثالثة، مثلما أشارت المادة الثانية إلى توثيق الصلات المشتركة.

وقد لفت دستور اليونيسكو إلى أهمية صنع السلام وإدامته حين نصّ على ما يأتي “لمّا كانت الحروب تصنع في العقول، فحصون السلام لا بدّ أن تصنع أيضًا في العقول”.

وإذا كان صنع السلام عملًا صعبًا ومعقدًا، فإن إدامته والحفاظ عليه أكثر صعوبة وتعقيدًا، ولا سلام دون عدل، فهو مرتبط به بصورة عضوية، وإلّا سيكون له اسم آخر.

السلام سريع العطب مثل الصحّة، لذلك نحتاج إلى الوقاية قبل وقوع المحظور والعلاج عند وقوعه والحماية لإدامته، وإقامة السلام عمل تربوي وثقافي وفكري وأخلاقي، وأي انتصار على هذا الصعيد هو انتصار للقيم الإنسانية.

وإذا كانت للحرب ثقافة وفلسفة لتبريرها، وهي الغالب الشائع في تاريخ البشرية، فإن للسلام ثقافة وفلسفة وقيمة إنسانية عليا أساسها الحفاظ على حياة البشر، وهي أسمى حقوق الإنسان، وعلى ما أنجزته سواعد الملايين من الناس في تاريخها، لذلك فإن بناء السلام وإدامته يبقى هدفًا ساميًا، يقوم على احترام الآخر والقبول بالتنوّع والتعددية والحق في الاختلاف.

وإذا كانت للحروب علوم باعتبارها وجه آخر من للسياسة، ولكن بوسائل عنفية، حسب المفكّر كلاوزفيتز، فإن للسلام علوم أيضًا، وهو سياسة بالصميم ودبلوماسية وإعلام وتوازن قوى، وإن كانت الوسائل فيه ناعمة.

السلام علم وحال وفعل وممارسة وتطبيق مثلما هو نظرية وأفكار وآراء وواقع أيضًا. ولعلّ الحوار هو السبيل المجرّب للوصول إلى تحقيق السلام، بنزع فتيل الحرب والجنوح إليه كفضاء إنساني، “وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكّل على الله، إنه هو السميع العليم” (القرآن الكريم – سورة الأنفال – الآية 61).

وإذا كان لا يمكن فصل السلام عن العدل، فلا يمكن فصله عن الحريّة أيضًا، ولا يمكن للإنسان أن ينعم بالسلام دون أن يكون حرًّا، لكن السلام بأي ثمن لن يكون سلامًا بالمرّة.

أيتها السيدات وأيها السادة

أيها الحضور الكريم

لقد بدأنا مشوارنا منذ 4 سنوات، وها هي نتائجه تظهر أولى ثمارها بعقد المؤتمر التأسيسي في جامعة الدول العربية وبرعاية الأمين العام معالي الأستاذ أحمد أبو الغيط، وهو تأكيد جديد على أننا جزء من الدبلوماسية الشعبية للعمل العربي المشترك بما ينسجم مع أهداف الجامعة وميثاقها، خصوصًا بالدعوة إلى حوار شامل ومصالحات عربية – عربية من أجل تكامل عربي بما يخدم أهداف الأمة العربية ويؤكد وحدة مصيرها المشترك. مثلما هو رسالة تطمين إلى جميع الفرقاء باستعداد المجموعة للقيام بمهمة وساطة نزيهة باعتبارها مستقلّة وليست منحازة إلى جهة سياسية أو حزبية أو حكومية، وأن ما يهمّها هو القيام بكلّ ما يستلزم تحقيق السلام العربي – العربي، على صعيد كلّ بلد وعلى الصعيد القومي، بما يعزّز المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة.

أكتفي بهذا القدر، وأدعو فخامة الرئيس على ناصر محمد، رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقًا لإلقاء كلمته، كما أدعو بعده معالي المهندس سمير الحباشنة لإلقاء كلمته. ونختتم هذه الجلسة بكلمة الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي لإلقاء كلمته، على أن يكون بيننا معالي الأمين العام أحمد أبو الغيط بعد هذه الجلسة، نظرًا لأمر عاجل وطارئ حال دون حضوره جلستنا الافتتاحية هذه.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى