ادب وتراث

– أحبك استراليا- نص شعري للشاعر وديع شامخ

 * هذه مختارات من نص طويل بعنوان” أحبك أستراليا ”   للشاعر العراقي وديع شامخ  رئيس تحرير مجلة النجوم ألقاه باللغة العربية في مهرجان” بكلمات أخرى ” الذي أقيم موخراً في مدينة فيرفيلد الاسترالية

وديع شامخ / سدني

أحبك أستراليا
أيتها القارة التي لا تشيب،
قارة تجمع دموع العالم في قارورة عسلها.
بمائها يستحم الغريب،
وعلى مائدتها يأكل فقراء الأرض بشهية عامرة
لادين لها .. لا مذاهب
قارتي الحبيبة…

وديع شامخ

ينبت على وجهها الحب والخضرة معا
أستراليا مناجم وسكك وقطارات وأفق لا يكلّ عن الحب
استراليا ذراع الله وحضن الملائكة .
ليست مقبرة ولا جنازة
استراليا حلم ينجز صحوته
……………………………….
أستراليا
كما أتنفس صباحي بلا دم .. أحبك
كما أخطو الى نومي بلا كوابيس .. أحبك
كما أرى القمر تماما في سمائك القريبة من الارض .. أحبك
أحبك كثيرا .. لأنني أرى الملائكة على الارض
والجنة هنا ..
فخور بك يالله وانت تتمشى معي في شوارع سيدني ..
جارتي لا أعرف سوى أسمها ، وربما فشلتُ في نطقه بلساني العربي الباشط .
لكنها لم تفشل في رسم قلب دائم الرفيف بيننا
يوما أوقفنا السيارة على عشبها ..
جاءت مكفهرة وحزينة،
ابتسمتُ ببراءة
قبلت ابتسامتي ، وقصّت زغبا صحراويا كان ينبح في داخلي .
………………………………….
كم أحبك أستراليا
وأنتِ بلا حسب ولا نسب
بلا تاريخٍ ولا مسلاتٍ غارقة في الوهم
أحبك هكذا
ملاذا للمصائر المتقاطعة
أحبك
لأنك أرض المنبوذين والسجناء والخارجين عن قانون الكرة الأرضية
هكذا تساقطت الخطايا فأنبتت شجرة الحياة
أنتِ
فتاة ترتدين التيشيرت والترينشوز وترقصين في المروج
أحبك وأنتِ بعيدة جدا عن مواطن خيالي ..
أحبك لأنك ليست صدفة في حياتي
ولا الحظ كان طائر سعدي ..
أحبك لأنني الآن هنا .. وبين يديك
………………..
أحبك أستراليا لأن أسوارك من ماء
وشعارك حيوانات تنط بمتعة ..
ونشيدك الوطني غير ملزم لنا في سوق ” الوطنيات “
وعلمك ِ ليس راية للفتن ..
إنه يتمشى معنا كغطاء نهد ، مايوه بحر ، نعال …
لذا أحبك ، تائبا في حضرتك ِ
وانت ِ حاصل جمعنا .
…………………
كلما أشرقُ بخيالي على الحلم
أراك قلباً واحدأ ،أغصاناً وحقولاً شاسعة
لم ُيخطىء الله عندما صوركِ سجنا للهروب من تلك العوالم ..
وحين التقي الملائكة يوميا وهم يقودون القطارات ،الطائرات والمركبات ليكن قلب أستراليا واحداً
سأقول لهم بقبلة كبيرة … أنا أحبكم
……………………………..
لست عماليا أو ليبرالياً .. أحب خضرتكِ وأعشق لبن أبقارك
أنصت للبرلمان وحميّة الوصايا ..
كل قوم بما لديهم فرحون
وأنا فرح بكِ بأستراليا …..
……………………………
لم أحفظ نشيدك الوطني
أذني محشوة ببيانات الحروب
عذراً أستراليا
أنت حسناء الإنتظار
جئنا بقوارب الموت ورسمنا على محياكِ شارة الوفاء
لا تاريخ لنا سوى هذه الضفة الآمنة
سأدون عليها مسلّة المعجزات .
……………………………..
أستراليا
ذاكرتكِ طريّة كطفولتنا
الماء ما زال يحيط بك والقرش ينهش خلوتنا ..
ودماء القتلة تبحث فيكِ عن ضحية ..
سلاما عليك ايتها القارة الطفلة التي تلثغ بكل حروف العالم
………………….
لم أرفع علمك على بيتي ولم أشجع فريقك الوطني
لأني مللت الموت تحت راية بلادي الممهورة بالجهاد !
أيه استراليا .. كأنك شفتي طفلة لم تتروض بعد للنزق
ما زلت تبتسمين بكامل العافية ..
وتلوحين لنا .
…………………………….
أحبك أستراليا
لأنك ليست حلبة لصراع الديكة
تطعمينا ، وتأوينا ، تضعي على جباهنا سيمائك الوقور .. فنصبح أبناءً
ونحن نحوك في حومتك غزولا متشابكة
كل منّا يراك في مرأته ،
وأنت أفق مديد
كل منّا يريدك ِ ملكا عضوضا .. وأنت العذراء الفريدة ..
…………….
شكرا أستراليا
لانك أضفتي لسمرتي شمسا
لقوامي ساحلا
لأحلامي قارة من خيال
أحبك.. بلا إله ، ولا مراقد مقدسة ، لا قبور صائتة ..
وحده الله يسير في الطرقات ، ويشير .. فقط يشير الى طريقه ..
وحده الله .. يجوب أستراليا مانحا التجلي قبعات للجميع
كم أحبك يا أستراليا
لأننا جميعا آلهة في حضنك


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى