غير مصنف

لبنان واستراليا يدعوان الى حل عادل للقضية الفلسطينية وادانة الارهاب

أ​كد العماد ميشال سليمان رئيس الجمهورية اللبنانية أنه في وقت ما زال العالم العربي يسعى لتلمّس طريقه نحو الإصلاح والديموقراطيّة المنفتحة على الحداثة والملتزمة الحريّات وحقوق الإنسان بعيداً من مخاطر الانقسام والتشرذم والعنف على ما نأمل، تبقى الحاجة قائمة وملحّة لإيجاد حلّ عادل وشامل لكافة أوجه الصراع في الشرق الأوسط
وكان رئيس الجمهورية استهل زيارته الرسمية الى كانبيرا بلقاء رئيسة وزراء أوستراليا في مكتبها الخاص في مقر رئاسة مجلس النواب، وأجرى معها محادثات تناولت العلاقات الثنائية العريقة التي تجمع بين لبنان واستراليا منذ أكثر من قرن، وسبل تنشيطها في المجالات كافة

 

وتم التأكيد على قوة العلاقات الانسانية بين الشعبين اللبناني والاسترالي ومتانتها والحاجة لتأسيس لعلاقات بعيدة المدى على مختلف المستويات، وخصوصاً على صعيد التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي بين البلدين.
وتطرقت المحادثات الى المساهمة الجوهرية للاستراليين من اصل لبناني في كل اوجه الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في استراليا.
وتم التأكيد على دعم سيادة لبنان واستقراره ووحدته واستقلاله وسلامة اراضيه، وخصوصاً دعم اليونيفيل والحاجة الى تنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته، مع التشديد على دعم لبنان لقرارات الشرعية الدولية، بما فيها تلك المتعلقة بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وشكر الرئيس سليمان لاوستراليا الدعم الذي تقدمه في مجال نزع الالغام وإزالة القنابل العنقودية في جنوب لبنان.
واعرب الجانبان اللبناني والاسترالي عن الرغبة في تعزيز التعاون في الشؤون الدفاعية والعسكرية، ورحبا بإنشاء غرفة التجارة والصناعة اللبنانية في ملبورن التي ستساهم بالتكامل مع غرفة التجارة والصناعة اللبنانية في سيدني بتعزيز الاستثمارات المتبادلة والتبادل التجاري بين البلدين.
وفي ما خص الاوضاع الاقليمية والدولية، تم ابراز الحاجة الى ايجاد حلّ عادل وشامل لكل اوجه الصراع العربي   -الاسرائيلي على قاعدة قرارات الشرعية الدولية ومرجعية مدريد والمبادرة العربية للسلام التي اقرت في القمة العربية في بيروت منذ عشر سنوات، كما امل الجانبان في نجاح مبادرة مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان وعودة الاستقرار الى الربوع السورية.
وتم خلال المحادثات، الدعوة الى تقديم الدعم لوكالة الاونروا لتمكينها من القيام بمهامها في مجال المساعدة الانسانية للاجئين الفلسطينيين في انتظار ايجاد حل سياسي عادل لقضيتهم على قاعدة قرارات الشرعية الدولية، مع تأكيد لبناني في هذا المجال على رفضه لأيّ شكل من اشكال التوطين.
واتفق الجانبان ايضاً على ادانة الارهاب وتعزيز التعاون الثنائي والدولي لمواجهة هذه الآفة التي تطاول المدنيين، اضافة الى التعاون في سبيل تعزيز الحوار كوسيلة لحل النزاعات وتطوير الديموقراطية من اجل احترام التعدد والتنوع لاعطاء حيّز اكبر لاشراك مكونات المجتمعات في ادارة شؤونها.

وعقب انتهاء اللقاء، توجه رئيس الجمهورية واللبنانية الاولى السيدة وفاء ورئيسة وزراء أستراليا إلى قاعة الطعام، حيث كان في استقباله قبل الوصول إلى القاعة رئيس المعارضة الأسترالية طوني أبوت على رأس المرحبين به.
وأقيمت مأدبة الغداء على شرف رئيس الجمهورية واللبنانية الأولى والوفد المرافق في قاعة  البرلمان الاسترالي . وقبل انتهاء المأدبة ألقت رئيسة الوزراء الأوسترالية كلمة مما جاء فيها:
” ارحب بكم في وطننا وعاصمتنا وبرلماننا في مكان الشرف هذا، استقبلتم بشرف، وفي رمز الصداقة حيث نحن نستقبلكم تأكيداً على روح الصداقة التي تربطنا.”
واذ قدرت عالياً دور لبنان وتراثه التاريخي الطويل، فإنها حيت دور لبنان الحاضر على الساحة الدولية منذ استقلاله حتى اليوم، اي منذ قرابة 70 عاماً وربطت بين استراليا ولبنان مشددة على ان استراليا هي ارض التقاليد والثقافات المتعددة مثل لبنان، مثنية على دور اللبنانيين خصوصاً منهم اولئك الذين تبوأوا مراكز عالية ومن بينهم حاضرون معنا في هذا الغداء. وخلصت الى القول ان هناك تاريخاً من الصداقة والامل والتعاون المشترك بين بلدينا، وانها تتطلع الى تدعيم هذه العلاقات لتكون شامخة مثل ارز لبنان.

والقت بعدها ممثلة رئيس المعارضة طوني أبوت، السيناتور كونشيتا بيانتي فاليس كلمة ترحيبية بالرئيس سليمان والسيدة الأولى والوفد المرافق، مما جاء فيها:
اضم صوتي الى صوت رئيسة الحكومة لشكركم على زيارتكم لاستراليا وللترحيب بكم. اننا فخورون بما قام ويقوم به اللبنانيون المتحدرون من اصل لبناني وبمساهمتهم في نهضة بلادنا ونموها الاقتصادي. ونحن نحيي التزام اللبنانيين الموجودين هنا بالقيم العائلية وبعلاقتهم المتينة بوطنهم، ونحن نبني معاً مستقبلاً واحداً، واقدر التضحيات الجسام التي قاموا بها منذ وصولهم الى هذه الارض لبلوغ ما هم عليه اليوم.
وذكرت ان لاستراليا مكانة وتقديراً كبيرين في لبنان وهذا موضع مودة وتقدير مقابل للبنان في استراليا. وتابعت: لدينا فرص وآمال كبيرة علينا تفعيلها معاً.
وختمت ممثلة رئيس المعارضة بتوجيه تحية الى رئيس الجمهورية على الدور الكبير الذي يقوم به في توطيد السلم الاهلي والوفاق في لبنان، معتبرة ان انتخابه في العام 2008 شكل بحد ذاته محطة اساسية في تاريخ لبنان ومسيرته.

وردّ رئيس الجمهورية بالكلمة الآتية:
“السيّدة رئيسة الوزراء،
يعتريني شعور بالاعتزاز وأنا أقوم بالزيارة الرسميّة الأولى لرئيس للجمهوريّة اللبنانيّة إلى بلادكم العظيمة، وهي مناسبة فريدة للبحث في سبل تعزيز علاقات التعاون والصداقة القائمة بين بلدينا في مختلف الميادين.
أشكرك بدايةً، على ما توجهّتِ به إليّ من كلمات طيّبة وعلى ما خصّيتموني به والوفد الرسمي المرافق من حسن ضيافة واستقبال .
فبالرغم من المسافة الجغرافيّة التي تفصل اوستراليا عن لبنان، نجد أنفسنا مرتبطين بوشائج إنسانيّة وروابط متينة يعزّزها إيمان مشترك بقيم الديموقراطيّة والحريّة، والتزام راسخ بحقوق الإنسان وبقرارات الشرعيّة الدوليّة، ورفض للظلم والتطرّف والإرهاب، ووجود قديم وفاعل لجالية لبنانيّة عريقة متجذّرة في هذه الأرض الطيّبة المعطاء منذ منتصف القرن التاسع عشر.
لقد دعمت استراليا باستمرار سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه ودعت دوماً الى ايجاد حلول سلميّة للنزاعات، وشاركت لفترة في القوات الدوليّة التابعة للأمم المتحدة في لبنان، وهي لم تتوان عن تأييد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الداعي الى انسحاب إسرائيل من كامل الأراضي اللبنانيّة التي ما زالت تحتلّها، وعن تقديم مساعدة مشكورة لنزع الألغام التي خلّفها العدوان الإسرائيلي على مساحة الجنوب اللبناني؛
إضافةً الى دعمها المستمرّ لوكالة الأونروا المعنيّة بتلبية الاحتياجات الإنسانيّة للاجئين الفلسطينيين في انتظار إيجاد حلّ سياسي نهائي وعادل لقضيتهم على قاعدة حقّهم في العودة.
وإذ تساهم اوستراليا بعمليّات حفظ سلام عديدة في مناطق مختلفة من العالم، فهي أبدت حرصاً موازياً على تحقيق أهداف ألفيّة الأمم المتحدة للتنمية وتحسين الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة والصحيّة والبيئيّة في الدول النامية بشكلٍ خاص.
لقد سبق للحكومة اللبنانيّة أن أعربت عن تأييدها لترشيح اوستراليا لمقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي للفترة 2013-2014، ونحن على يقين بأنّها تضع نصب أعينها أهميّة تعزيز الطابع الديموقراطي للأمم المتحدة وصدقيتها، وتالياً أهميّة السعي لإصلاح آليّات عمل المجلس وتطبيق قراراته الملزمة بصورة عادلة بعيداً من ازدواجيّة المعايير.
ويسعدنا أن تكون مساهمة لبنان بمعالجة المشكلات التي طرحت على مجلس الأمن الدولي في خلال فترة عضويته فيه عن عاميّ 2010 و 2011 قد لاقت تقديركم وتقدير الدول الصديقة.
وفي وقت ما زال العالم العربي يسعى لتلمّس طريقه نحو الإصلاح والديموقراطيّة المنفتحة على الحداثة والملتزمة الحريّات وحقوق الإنسان بعيداً من مخاطر الانقسام والتشرذم والعنف على ما نأمل، تبقى الحاجة قائمة وملحّة لإيجاد حلّ عادل وشامل لكافة أوجه الصراع في الشرق الأوسط حرصاً على الأمن والسلم الدوليين وعلى استقرار مجتمعاتنا وهنائها. ومثل هذا الحلّ يحتاج لقرار سياسي ولعزم دولي فعلي على توفير العناصر الضاغطة الكفيلة بدفع جميع الأطراف الى الالتزام، ضمن مهل محدّدة، بمبادئ الحلّ وأسسه. وهي كلها مثبتة في قرارات الشرعيّة الدوليّة ذات الصلة، ومرجعيّة مؤتمر مدريد التي أقرّت منذ عقدين من الزمن، والمبادرة العربيّة للسلام التي صادف الثامن والعشرون من شهر آذار الفائت الذكرى العاشرة لاعتمادها في قمة بيروت.
إنّ لبنان الذي تمكّن من المحافظة على استقراره وتلافي تداعيات الأزمة الماليّة العالميّة في خلال السنوات المنصرمة ينظر إلى تعزيز علاقاته الثنائيّة مع استراليا، بما في ذلك زيادة حجم صادراته ومنسوب التبادل التجاري، وتشجيع الاستثمارات المشتركة وحمايتها، مع العلم بأنّ شراكتنا مع الاتحاد الأوروبي من شأنها أن تسهّل مثل هذا التبادل على قاعدة معايير النوعيّة. ونأمل في أن تتمكّن غرفة التجارة والصناعة اللبنانيّة – الاستراليّة التي أنشئت منذ أسابيع في ملبورن، إضافةً الى غرفة التجارة والصناعة اللبنانيّة – الاستراليّة في سيدني، من الاضطلاع بدور مساعد في هذا المجال.
كذلك ننظر إلى تعاون أوسع في مجال التبادل الجامعي والتواصل بين الجمعيّات الشبابيّة وهيئات المجتمع المدني وتطوير حركة السياحة بين البلدين.

تعتبر استراليا من الدول الأكثر تعدديّة على الصعيد الثقافي في العالم وتتميّز بكونها بلد حريّة وتفاعل إنساني وقبول سمح بالآخر، على قاعدة التنوّع من ضمن الوحدة وواجب الاندماج الوطني والاجتماعي. وهي تشارك لبنان حرصه على حوار الحضارات والديانات والثقافات.
واستقبلت على أرضها الخيّرة منذ منتصف القرن التاسع عشر دفعات متتالية من المغتربين اللبنانيين، باتوا يشكلون مكوناً اساسياً من مكونات المجتمع الاوسترالي ومصدر اعتزاز وغنى لبلدينا على السواء.
لذا فنحن نأمل في أن تشكّل هذه الروابط الإنسانيّة المميّزة، رافعة من أجل تعزيز علاقاتنا الثنائيّة، بما يتناسب مع رغبتنا السياسيّة الأكيدة في تعزيز هذه العلاقات ومع مصالحنا المشتركة في مختلف الميادين، وأن نمضي قدماً في بناء الأطر القانونيّة والآليّات المناسبة لتحقيق هذا الهدف السامي.

تجدر الاشارة الى ان زيارة العماد ميشال سليمان وعقيلته السيدة وفاء والوفد الوزاري المرافق إلى استراليا ، هي الأولى من نوعها يقوم بها رئيس جمهورية لبناني إلى أستراليا، تلبية لدعوة رسمية وُجهت إليه من الحكومة الاسترالية .


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى