Sliderتحقيقات

البولونيان ” تالا وجاكوب ”  .. قصة حب قوية .. انتهت بجنوب الناصرية!

جبار بچاي

تشكل قصة حب البولونية الشقراء ” تالا ” وعشيقها ” جاكوب ”  أقوى قصص الحب والعشق الانساني حيث امتدت من وارسو لتنهي بمأساة جنوبي مدينة الناصرية 360 كم  جنوب العاصمة العراقية بغداد   ، حين افترق العاشقان الجميلان الى الابد، جاكوب غادر الى بلاده حزيناً بينما بقيت عشيقته وهي لا تمتلك سوى أقل من متر مساحة قبرها الذي دفنت  فيه مطلع عام 1982 .

 منذ ذلك التاريخ والقبر وحيداً تدل عليه قطعة الرخام الرمادية بعد أن حفر عليها الصليب وبجانبيه، حرفان يرمز كل منهما الى اسم تالا وجاكوب وتاريخ وفاتها، ومع كل الظروف التي مرت بالبلاد وطبيعة المنطقة هناك لم يتعرض القبر الى الأذى أو النبش وظل شاهدا على أقوى قصة حب عرفها أهالي الناصرية وهم يزورون القبر من حين الى آخر .

بالتزامن مع أعياد الربيع قصد أحمد الخفاجي، وهو ناشط وإعلامي من مدينة سوق الشيوخ بمحافظة ذي قار قبر العاشقة تالا ليوقد الشموع هناك ويضع أكيلا من الزهور على قبر العاشقة ضيفة العراق في مشهد يخلد الانسانية بمعناها الحقيقي.

يقول أحمد ” تالا البولونية وقصتها راسخة في أذهان أهالي الناصرية عامة ولها خصوصية بين سكان مدينة سوق الشيوخ حيث يبعد القبر عنها 14 كيلو متراً وقرابة 40 كيلو متر عن مركز مدينة الناصرية وحوالي 150 متراً عن الطريق العام الرابط بين البصرة والناصرية.”

 وفيما يقف طويلاً أمام القبر الوحيد  حيث صفير الرياح ووحشة المكان يطل بناظريه الى بقايا سكراب وأجزاء كرفانات هي كل ما تبقى من كمب الشركة التي كان يعمل فيها عشيق تالا فيقول :  

” العشّاق الخاسرون لحبيباتهم دوماً يجسدون بعض الوفاء في مثل هذا المشهد الذي يتكرر باستمرار من شباب الناصرية الذين يعرفون جيداً معنى العشق وأوجاعه التي تقطع نياط القلب أحيانا كما تقطعت نياط قلب جاكوب بموت عشيقته تالا التي تعيش في ضمير ووجدان جميع من سمع بقصتها.”

مضيفا “على القبر الوحيد مر الكثير والتقطوا صوراً ، وقيلت في قضية تالا قصائد جميلة وكتبت قصص ومقالات وتناولتها الصحافة غير مرة  وكل ما قيل فيها وكتب عنها كان غاية في الوصف والسرد الانساني الجميل لفتاة غريبة باذخة الجمال جاء بها الحب الى العراق فماتت بحادث مأسوي ترك أكبر غصة لدى حبيبها جاكوب وزملائه في العمل آنذاك .”

مع تخطيه العقد الثامن لكن الحاج مكي جاسم من أهالي سوق الشيوخ مازال يتذكر حادثة صاحبة القبر الوحيد أو الغريب إذ يقول “

” تعود قصه القبر الى مطلع ثمانينيات القرن الماضي عندما بدأت مجموعة شركات عالمية بإنشاء الطريق الدولي منها شركة درومكس البولونية التي أوكلت بمهام إكساء المقطع  ما بين الناصرية والبصرة وكان بين العاملين في الشركة شخص اسمه جاكوب هو عشيق تالا.”

لافتا الى أن ” صاحبة القبر الوحيد كانت تتواصل مع حبيبها مثل أي عاشقة أخرى ولم تخشى البعد فقررت المجيئ اليه ووصلت العراق فعلا وفي طريق المجيئ الى الكمب الذي يسكن فيه عشيقها مع مجموعة عمال الشركة تعرضت الى حادث مروري وتوفيت في الحال .”

مضيفا أن ” موتها هنا مثل صدمة كبيرة ليس لحبيبها بل لكل من كان معه أو سمع بالحادث الأليم ، وحينها قرر حبيبها أن يدفنها بالقرب من مقر عمله وكان يقف أمام القبر كل يوم مكسور الهيبة والخاطر .”

ويكشف الحاج جاسم أن ” الشركة غادرت بعد انتهاء عملها وغادر معها جاكوب بينما ظل قبر حبيبته شاهدا على قصة حب عظيمة تستحق اهتمام الادباء والشعراء ليقولوا فيها ما يشاؤون مثلما يعكس الاهتمام بها من قبل الاهالي طبيعة العلاقات الانسانية بين الشعوب.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى