كلمة رئيس التحرير

ماذا أراد ترامب من سكوت مورسن خلال زيارته الى الولايات المتحدة ؟

كتب : محمد بكر 

حظيت زيارة رئيس الوزراء الاسترالي سكوت مورسن الى الولايات المتحدة ، للمدة من 19-27 أيلول- سبتمبر بأهتمام خاص من الرئيس الامريكي دونالد ترامب ووسائل الاعلام الأميركية والاسترالية على حد سواء ، فسكوت مورسن هو أول رئيس وزراء أسترالي تتم دعوته إلى الولايات المتحدة في زيارة عمل وعشاء رسمي منذ عام 2006 ، حين زار رئيس الوزراء السابق جون هاوارد الولايات المتحدة و أستقبله جورج بوش الأبن ، وإذ كان بوش قد وصف هوارد بالرجل الفولاذي فأن ترامب وصف ضيفه بالرجل التيتانيوم وهو أقوى من الفولاذ بحسب ترامب .
ولكن التساؤلات التي طرحتها الصحافة الاسترالية هي ماذا يريد ترامب من مورسن ؟. من وجهة نظر شبكة (ABC ) الاخبارية الاسترالية فأن رئيس الولايات المتحدة لا يريد شيئًا خاصاً من رئيس الوزراء ، لكن ترامب بدأ معزولاً بين قادة العالم وهو يواجه ايران والصين وهو بحاجة الى أصدقاء وحلفاء ، لإقناعهم وإعجابهم به.
فمورسن ، بحسب ترامب بطل وكان الكثير قد سخروا من ترشيحه ليصبح فيما بعد رئيساً للوزراء وسط دهشة الكثيرين ، ويرى ترامب بحليفه الاسترالي الدعم الذي يقدمه له في مغامراته في ايران وفي مواجهة الصين ، رغم ان استراليا لاتتمنى ان تكون هناك مواجهة عسكرية بين ايران والولايات المتحدة في منطقة مضيق هرمز الحيوي للتجارة الدولية . وأن العلاقات الامريكية – الاسترالية كانت قد وصلت الى حد التحالف والشراكة ، فقد بلغ حجم الاستثمار بين البلدين أكثر من 1.2 تريليون دولار ، مما يدعم مئات الآلاف من فرص العمل، وتدعم هذه الشراكة اتفاقية التجارة الحرة الأسترالية – الأميركية ، إذ نمت التجارة المتبادلة بنسبة 60 % منذ التوقيع عليها، وتوجد قواعد عسكرية امريكية في استراليا لمواجهة النفوذ الصيني في منطقة المحيط الهادئ وبحر الصين الجنوبي .
وفي مناسبات عدة كان مورسن قد تغنى بتحالفه مع الولايات المتحدة زاعماً ان علاقات استراليا بأميركا مصيرية ، وانها بدأت في العصر الحديث لاول مرة في ساحة المعركة عندما قاتل البلدان الى جنب بعضهما في الحرب العالمية الاولى سنة ( 1914 – 1918 ) فضلاً عن دفاعمهما المشترك عن قيم الحرية والديمقراطية.
وفي المؤتمر الصحفي تحدث ترامب مع مورسن في البيت الابيض عن خططه ضد ايران ومنها فرض عقوبات جديدة ضد بنك طهران المركزي ، ثم تحدث عن الضربات النووية كخيار أخر ، لكنه أستبعدها وفضل ضبط النفس وتجنب الحرب .
وبهذا الصدد قال ترامب : “إن أسهل شيء يمكنني القيام به ، هو المضي قدمًا ، ليكون هذا يومًا سيئًا للغاية بالنسبة لإيران ” .
وعلى اية حال فأستراليا قد أعلنت موافقتها بالدخول مع التحالف البحري الامريكي ضد ايران بطائرة مراقبة وقارب دورية وبعض الأفراد لقوة متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة للحفاظ على خطوط الشحن في مضيق هرمز.
وبخصوص الصين ، يتعاطف رئيس الوزراء سكوت مورسن مع شكوى الرئيس بشأن بكين ، لكنه يختلف في علاج الازمة معها . فالحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة القت بظلالها السلبية على التجارة بين استراليا والصين . ويطالب مورسن من الصين التوقف عن سرقة الملكية الفكرية والهجمات الالكترونية التي قامت بها قبيل الانتخابات . وتساءلت الصحف الاسترالية هل ستدفع استراليا ثمن العشاء الفاخر الذي قدمه الرئيس ترامب الى سكوت مورسن ! فمعظم المحليين السياسيين وكتاب الصحف في استراليا يتهمون مورسن بعدم الذكاء في السياسة الخارجية ، وانه طالما اتخذ مواقف تسئ لمصلحة استراليا ارضاءً للحليف الاميركي كان من ابرزها قراره نقل السفارة الاسترالية الى القدس من تل أبيب ، وتصريحاته في واشنطن بالوقوف مع دولة الكيان الصهيوني بما اسماه تحيز الأمم المتحدة ضدها ، وهو مايغضب جارتهم وشريكهم التجاري أندونيسيا بالدرجة الاولى فضلاً عن الدول الاسلامية التي ترفض السياسة الصهيونية في فلسطين .
من جانب اخر دعا رئيس الوزراء الاسترالي سكوت مورسن في محاضرة له في معهد شيكاغو للشؤون العالمية الصين الى القبول بإعادة صياغه قواعد التجارة الدولية بأعتبارها لم تعد تلك القوة الاقتصادية النامية وأنما هي اليوم دولة متقدمة .وبطبيعة الحال فأن مورسن بذلك وضع انقياده العقائدي قبل مصلحة استراليا بخصوص علاقتها مع الصين ومايجب ان تكون عليه باعتبار الصين الشريك الاقتصادي الاول لاستراليا ، ومايترتب على ذلك من التزامات تصب في نهاية المطاف لمصلحة استراليا قبل الصين . ومما جاء أيضاً في المحاضرة أن الصين بتقدمها الاقتصادي الكبير والذي بات منافساً مزعجاً للأقتصاد الاميركي الذي طالما تربع على عرش السيادة العالمية ، يتحتم عليها القبول بمبدأ الرئيس ترامب بضرورة اعادة صياغة قواعد التجارة الدولية بأعتبارها لم تعد تنسجم ومتطلبات تطور الاقتصاد العالمي ، وهو ( مورسن ) بحقيقة الامر يدعم الحرب الاقتصادية للرئيس الاميركي ضد الصين والتي انعكست سلباً على الاقتصاد الاسترالي ، وهو الموقف الذي هلل له ترامب كثيراً وربت على كتف مورسن في اكثر من مرة خلال زيارته الحالية لاميركا ونعته بالضيف الكبير واشاد بأستراليا بأعتبارها الحليف التاريخي لأميركا .
وبالطبع لم يغفل الرئيس الاميركي مواقف مورسن السابقة مثل الوعد بنقل سفارة استراليا الى القدس من تل ابيب ، والمشاركة في القوة العسكرية التي اقترحتها الولايات المتحدة بزعم حماية الملاحة في الخليج العربي ، وغيرها من المواقف التي لم تأخذ بعين الاعتبار مصلحة استراليا اولاً وهو الامر الذي أثار استياء المعارضة ، فقد دعا زعيم حزب العمال المعارض أنثوني ألبانيزي الى ضرورة الدخول في حوار جدي ومفيد مع الصين بدلاً من انتقادها او اعطائها نصائح غير مجدية تسئ الى العلاقات بين البلدين في وقت تحتاج فيه استراليا الى شريكها الاول اي الصين .
وجاءت دعوة زعيم المعارضة هذه في مقابلة مع شبكة ( ABC) الأخبارية الاسترالية ، وفيها اكد ايضاً ان الصين لاتزال دولة نامية وليس كما زعم مورسن ، على الرغم من النمو الاقتصادي السريع فيها الاأن قياس ذلك النمو مع عدد السكان فأنه لا يمثل 25 %من الاقتصاد العالمي. وفي هذا الكلام رد مباشر على دعوات مورسن للصين بضرورة تحميل مسؤوليتها الدولية والاسهام بصورة اكبر في معالجة المشاكل مثل التغيير المناخي ومساعدة البلدان النامية واتباع الشفافية في علاقتها مع الدول الاخرى ، وهي المطالب الاميركية من الصين ذاتها .
وفي مجال الفضاء وقع مورسن في واشنطن اتفاقية بين وكالة الفضاء الاسترالية ووكالة ناسا الأميركية للتعاون في إطلاق بعثة مشتركة إلى القمر و كوكب المريخ . فيما أعلن دعمه للخطة التي اعلنها الرئيس الامريكي دونالد ترامب في مجال دعم الفضاء وتخصيص 150 مليون دولار للشركات والأبحاث لتطوير تقنيات قطاع الفضاء ، ويتوقع أن تضاعف الحكومة الاسترالية في خطتها لتطوير قطاع الفضاء في أستراليا بحلول عام 2030 لتصل إلى 12 مليار دولار وتوفير 20 ألف وظيفة في هذا القطاع الذي لم تستثمره استراليا بالشكل الصحيح ، بحسب رئيس الوزراء .
من جانبه أشاد الرئيسي الأميركي دونالد ترامب برئيس الوزراء سكوت مورسن خلال افتتاح مصنع ورق جديد للمليونير الأسترالي أنتوني برات في ولاية أوهايو، ووصف ترامب برات بكونه الرجل الأكثر نجاحا في استراليا وانه يعتز بصداقته .
وقال مورسن في كلمة له خلال حفل افتتاح المصنع الى انه يطمح بأقتصاد قوي يوفر فرص عمل كبيرة لشباب البلدين ، و اشاد بسياسات ترامب الإقتصادية مشيراً الى أن البطالة في الولايات المتحدة لم تكن منخفضة ، لكنها أنخفضت بسبب سياسة الادارات الاميركية وانفتاح الولايات المتحدة على العالم ، فيما أثنى برات كثيراً على سكوت مورسن لتوفيره نحو 30 ألف فرصة عمل لمواطني البلدين .


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى