Sliderثقافة وفنون

وداعاً زهرة المغرب …الكاتبة المغربية زهرة زيراوي في فردوسها البعيد

فيصل عبد الحسن / الدار البيضاء
توفيت، مساء الاثنين، الأديبة والفنانة التشكيلية المغربية، زهرة زيرواي عن عمر يناهز 77 عاما. وفارقت الأديبة المغربية الحياة في منزلها بالدار البيضاء، بعد أن عانت منذ أسابيع من وعكة صحية تسببت في سقوطها مغشيا عليها بمطار محمد الخامس أثناء سفرها لحضور لقاء علمي ببلجيكا.
مبدعة آمنت أن الكتابة قادرة على التغيير
ما إن أكملتْ الكاتبة والفنانة التشكيلية المغربية زهرة زيراوي رواية فردوسها البعيد، التي رسمت فيها مشاهد رومانسية في غاية الجمال والإبداع، قلّما نجدها في الأدب الإنساني، حتى غادرتنا إلى ذلك الفردوس المخملي، تاركة هذا العالم يرى شمس صباح يوم 23 أكتوبر 2017 وحده من دونها، مشغولاً بهمومه، وطموحات ناسه، ومشاغلهم.
حاولت يوماَ في مقال لي وضع مقاربة بين ما أبدعته شارلوت بونتي في “جين أير”، وبين فردوس زيراوي البعيد. لكنني حين قرأت المقال منشورا شعرت أني لم أكن موفقا، في تقييم جنة حقيقية من الجمال، والحب والنبل، والوصف الأنثوي لمشاعر طفلة، وهي ترى العائلة تفرق في عنايتها بينها وبين أخيها لأنها بنت وهو ولد، والعاشقة التي يخذلها حبيبها، والزوج الذي لا يعنيه من الحياة غير مظاهر كاذبة للزواج الناجح.
زهرة زيراوي التي غادرت إلى فردوسها البعيد الذي لا نعرفه، ولا نتخيله إلا من خلال روايتها الجميلة “الفردوس البعيد” تركت في أفواه محبيها مرارة الفراق، وغصة حقيقية، وفراغا لا يمكن أن يشغله غيرها.
زارتني الكاتبة والفنانة زهرة زيراوي عصر يوم 21 /10 /2017 قبل وفاتها بست وثلاثين ساعة، في مسكني بمدينة الرباط قادمة مع ابنتها الدكتورة عطيات عاشق. وكنا على وشك أن نزورها في الدارالبيضاء بمسكنها بعد وعكتها الأخيرة بسبب حادثة تعثر قدمها وسقوطها، قبل دخول مطار محمد الخامس، وكانت تنوي السفر إلى بلجيكا. فقد ربطتنا علاقة صداقة عائلية وأدبية وفنية منذ 21 عاماً.
ماذا أروي عن طيبة هذه المرأة التي تجسد في سلوكها ما نصف فيه أن الأدب من الأدب. بدت لنا بصحة طيبة بالرغم مما عانته في وقعتها الأخيرة، وامتناع إدارة المطار من أن تطلب سيارة إسعاف لنقلها بحجة أن الحادثة وقعت قبل دخولها بوابة المطار، فاضطرت للطلب من ابنها محمد الفضلي الاتصال بسفارة بلجيكا لنجدتها بسيارة إسعاف، لأنها حاصلة على الجنسية البلجيكية. وحالما عرفت إدارة المطار أن السيدة المصابة تملك الجنسية البلجيكية، اتصلت فوراً بسيارة إسعاف لنجدتها. وأجريت لها عملية مستعجلة في إحدى المصحات.
وخلفت زيرواي رصيدا كبيرا من الإنتاجات السردية والشعرية والنقدية والتشكيلية.
واشتهرت زيرواي بصالونها الأدبي، الذي فتحته في بيتها بالدار البيضاء، واستمر لأكثر من 15 عاما، وكان قبلة للكتاب والأدباء والفنانين من مختلف المشارب والتوجهات، احتفت فيه بالكثير من المبدعين المغاربة، كما اهتمت من خلاله بالتعريف بالأدب المغربي واستضافة أدباء من بلدان مختلفة.
ونعى اتحاد كتاب المغرب الأديبة الراحلة، حيث قال إنها “عرفت بكتابة القصة والرواية والشعر والمقالة الأدبية، ولها في هذا الباب عديد الإصدارات داخل المغرب وخارجه، كما عرفت بممارستها للفن التشكيلي، ولها مشاركات في العديد من المعارض الجماعية داخل المغرب وخارجه”.
وشاركت الأديبة الراحلة في العديد من المهرجانات الأدبية العربية والأوروبية، وعرفت، في السنوات الأخيرة، بنشاطها الثقافي والإبداعي والفني الكبير ببروكسل، بتنظيمها الكثير من الندوات واستضافتها الكثير من الأسماء من العالم العربي وأوروبا.
من جانبه، قال الأديب المغربي أحمد رزيق إن زيرواي “كانت أديبة هادئة ومتفتحة تؤمن بأن الكلمة قادرة على تغيير الواقع”.
وأضاف في حديث للأناضول أن “الساحة الثقافية العربية فقدت واحدة من المواهب التي أعطت الشيء الكثير للثقافة عبر مواهبها المتعددة التي زاوجت بصمت وهدوء بين الرواية والشعر والتشكيل”. واعتبر أنها “واحدة من متعددي الثقافة، الذين آمنوا بقدرتها على التغيير، والذين مدوا الجسور بين الكتاب والأدباء داخل المغرب وخارجه”. زهرة زيراوي الأديبة والرسامة المبدعة، وصاحبة أكبر جمعية للفنانين، والأدباء بالمغرب “جمعية ملتقى الفن” التي ربطت العلاقات بين الأدباء، والكتّاب المغاربة والعرب بكتّاب وفناني العالم غادرت عالمنا إلى فردوسها البعيد. زهرة المغرب وداعاً.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى