ادب وتراث

من اعلام واقلام العراق : مريم السناطي .. (ام جوان) .. وقفة مع الشموخ!!..

التوقيع / صادق فرج التميمي*:
قامة عراقية امتشقت قلم المتاعب وهي لما تزل في العقد الثاني من رحلة الفروسية في رحاب صاحبة الجلالة ليترك قلمها بصمات في سفر الابداع الذي امتزج بأيقونة الاخلاق والحب الاخوي حيث حلاوة اللسان وحسن المعشر .. تألقت (ام جوان) وتألقنا معها عطاءا ونشاطا لم ينضب حتى اللحظة رغم قساوة الحياة وتبدل الامكنة والازمان ..
احبتي : لا ابالغ ان قلت ان هذه القامة هي مريم السناطي (ام جوان) نموذج للمرأة العراقيّة التي عملت في عالم مهنة المتاعب بحرصٍ وجد وتواصلٍ وتفانٍ منذ صغرها حيث لم يُثنيها يوما مرض قلبها الذي داهمها بوقت مبكر من حياتها بل ولم تتوان (ام جوان) أبداً في نذر حياتها الصعبة التي عاشتها رغم إنها لم تُرزق بطفل من زواجها من أبن عمتها أثير نامق سالم بيك الذي وقف الى جانبها طوال فترات عملها حيث يعيشان في المانيا وتحديداً في دسلدروف منذ قرابة عشرة أعوام .. لم تنقطع (أم جوان) لحظة بالسؤال والإستفسار عن العراق فهو حبيبها بكامل حضوره في الحياة والكيان … الزميلة الكبيرة مريم السناطي كتبت لي تقول في متن رسالة تضمنّت موجز ما حوت هذه السطور: (انا لا اتذكر الكثير لكن سأكتب على شكل نقاط من الذي اتذكره .. كما ان كل وثائقي الرسمية ذهبت مع كل اثاث بيتي ومكتبتي التي كان الكثير الكثير من الكتب موقعة من اصحابها للأسف حافظت على نفسي وتركت الكثير من متقتنياتي التي كان علي ان احافظ عليها حين غادرت العراق بفضل ناس هم ليسوا ناسي ابدا) ..بدأت (ام جوان) العمل الصحفي وكان عمرها دون السن القانوي بعد أن خاضت تفاصيل المحكمة التي هي قرب معهد الفنون في المنصور بغية تغيير العمر من أجل ان تحصل على العمل في اعقاب رحيل اخيها صلاح الذي كان يعمل في جريدة بغداد اوبزرفر .. كانت عائلة (ام جوان) على علاقة حسنة ومتميزة مع الراحل الكبير طه البصري والسيدة الفاضلة امل الشرقي التي اواصرها الاخ لــ (ام جوان) بولص السناطي المصور الصحفي في وكالة الانباء العراقية وأخيها الاخر صلاح الذي كان يعمل في الاوبزفر .. وكانت مريم في نفس الوقت تعمل في اخيرة جريدة الجمهورية على نظام المكافأة الشهرية حيث كان يدير الاخيرة الراحل سعود الناصري وحين كان هناك اقمار الجمهورية وشموسها يتصارعون مع الاقلام ليملئوا كل الصفحات بأحرف جميلة امثالنصير النهر وحسام الصفار وصباح ياسين والراحل عباس البدري وليلى البياتي وسلام مسافر وقبية العمر وعماد ال جلال وغيرهم كل محفوظ بأسمه ومقامه .. حين انفصلت جريدة الاوبزرفر عن دار الجماهير التحقت مريم بوزارة الثقافة والاعلام لكنها بقيت على ملاك الجمهورية واستمرت العمل فيها لحين توقفها في التاسع من نيسان من عام 2003 حين كنا على موعد قدري وجها لوجه مع قوات الاحتلال الامريكي في التاسع من نيسان من عام 2003 ..في”الجمهورية”عملت مريم السناطي واشرفت على اكثر من قسم وكان قسم التحقيقات هو القسم الاوفر حظا الذي قضت فيه السناطي سنوات طويلة من بينها سني الحرب المؤلمة التي اندلعت بين الجارين العراق وايران (1980 ــ 1988) .. ثم اشرفت السناطي التي ودعت الجمهورية بعنوان سكرتير تحرير على الصفحة الاخيرة ..مريم العضو بمجلس نقابة الصحفيين العراقيين لاكثر من دورة وفي دوراتها هذه لطالما كانت النقابة تسند لها مسؤولية اللجنة المهنية على خلفية معرفتها بكبار عمالقة الصحافة وشبابها الجدد ولحسن اخلاقها وتريتها الاخلاقية بل وللابتسامة التي لا تفارق محياها رغم الجراحات والامها .. شاركت (ام جوان) بترشيح من الجريدة في اكثر من مؤتمر ودورة تدريبية في القاهرة وتونس وبيروت والمانيا .. وشاركت في القاء المحاضرات على طلبة قسم الاعلام وحصلت على العديد من كتب الشكر وشهادات التقدير وقلائد الابداع على خلفية عملها المتميز وعلى خلفية مشاركتها في مؤتمرات أتحاد الصحفيين العرب في أكثر من دورة وفي اكثر من بلد .. وقدمت العديد من البحوث والدراسات عن الصحافة ومستقبلها ودور المراة الصحفية كمراسلة حربية اعتمادا على تجربتها الفعلية في سوح القتال ..
شاركت (ام جوان) في اكثر من مؤتمر لاتحاد الصحفيين العالمي في العراق وخارجه وكانت آخر مشاركة لها دعوتها بشكل شخصي من قبل أتحاد الصحفيين العرب الذي انعقد في اوائل عام 2005 في القاهرة وفيه قدمت بحثها الموسوم (المساواة في الاعلام واوضاع الصحافة العراقية بعد عام 2003) حيث تم اعتماد البحث رسميا بعد مناقشته في المؤتمر على مدى جلسة كاملة خصصت لهذا الغرض ..كتبت (ام جوان) الكثير من التحقيقات والمقالات الاسبوعية الثابتة في الجمهورية والزوراء حين كان يرأس تحرير الاخيرة الدكتور طه جزاع .. تولت (ام جوان) رئاسة تحرير مجلة عشتار المجلة التي اهتمت بالثقافة والفنون والقضايا الاجتماعية ومنها ما يتعلق بالوضع الاجتماعي للمرأة حيث خاضت السناطي تجربة مثمرة وجميلة بوجود زملاء المهنة امثال حسن عبد الحميد ومحمد أسماعيل والراحل محمد بديوي .. كماترأست (ام جوان) رئاسة تحرير جريدة القاصد الاسبوعية مطلع عام 2004 .. عملت السناطي في تلفزيون العراق منتصف ثمانيات القرن الماضي حيث كانت تقدم لنا البرنامج الذائع الصيت (نافذة على الفن) وفي الاذاعة اعدت وقدمت السناطي للقسم الثقافي برنامحها الاسبوعي (سهرة ذكريات) وكلنا نتذكر كيف ان السناطي استضافت اغلب القامات والهامات العراقية امثال سعدي يوسف ولميعة عباس عمارة وفي هذا البرنامج الذي كنا نستمع اليه على مدى ساعة ونصف الساعة القت السناطي لاول مرة على اسماعنا ابيات جميلة من الشعر الشعبي الهادف وكيف انها تعاملت ببراعة مع قامات وهامات عراقية كبيرة امثال الراحل عبد الراق عبد الواحد والراحل يوسف الصايغ ومحمود درويش ونزار قباني ومحمد الفيتوري ومحمود امين العالم رشاد والراحل خليل شوقي وطالب القرغولي ..محبتنا لاختنا (ام جوان) انسانة وعلما وقلما عراقيا مبدعا امتزج بأيقونة الاخلاق العراقية ومنظومتها الاصيلة والمحبة موصولة للجميع ..

تنويه للقراء الاعزاء : يسر جريدة ” وطن برس اونلاين ” ان تنشر سلسلة  مقالات (اعلام واقلام العراق ) للكاتب والصحفي صادق فرج التميمي.وبهذه المناسبة نود ان نتقدم بالشكر الجزيل لزميلنا صادق فرج التميمي لجهده التوثيقي لاعلام واقلام العراق .


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى