مقابلات

” وطن برس اونلاين ” تحاور المهندس العراقي المغترب علي جبار الفريجي:

حوار / وميض أحمد :

المهندس علي جبار الفريجي من مواليد 1968 بغداد.. أحد الكفاءات العراقية التي لها حضور دولي كبير في مجال الأدارة العليا للمشاريع والبرامج الأستيراتيجية عمل في عدد من الدول مع الوكالات الدولية المتخصصة بشؤون التنمية الأقتصادية وأيضاً مع الشركات العالمية المتخصصة في مجال المشاريع الهندسية والعمرانية. عمل في العراق لسنوات عدة ضمن برامج الوكالة الدولية للتنمية, وكذلك عدد من الشركات الأجنبية في مجال تطوير برامج عمل الموؤسسات والوزارات الحكومية والقطاع الخاص.  كما كان له دور في العديد من المشاريع في دولة الأمارات  قطر وعٌمان, وكذلك في عدد من الدول الأسيوية وأمريكا.

حاصل على شهادة الماجستير بالعلوم الهندسية – أدارة المشاريع / الولايات المتحدة الأمريكية.  وايضاً حاصل على شهادة تخصصية من جامعة هارفارد – أكاديمية جون كنيدي للدراسات الحكومية والأدارة العليا وهي أحدى الجامعات المتفردة في هذا المجال في العالم يقصدها كبار قادة دول العالم أمثال خافيير سولانا (المستشار الأعلى لحلف الناتو) ستيف بيللمير – شركة مايكروسفت, سبانسر أبرام – وزير الطاقة الأمريكي, بيير تروديو – رئيس وزراء كندا. كذلك شھادة أختصاص من أكاديمية كامبريدج – ماساتشوتس للدراسات العليا / كامبريدج – الولايات المتحدة.  شھادة تخصصية في الأدارة التنفيذية و أستيراتيجية قيادة الموؤسسات الحكومية وغير الحكومية.  وكثير من  وزراء دول أوربية, سفراء الأمم المتحدة, وزراء الأقتصاد أمثال أنجيلا ميركل ممن أكملوا ھذا البرنامج في أكاديمية ماساتشوستس.

* كيف تقيمون مرحلة السنوات الأخيرة وما يمر به العراق من الناحية الأقتصادية, التطور والتنمية العمرانية وبمختلف المجالات ؟
–  من خلال سنوات العمل داخل العراق, ومتابعة التطورات التي شهدها البلد والتحديات الكبيرة. نستطيع أن نرسم خط بياني نستقراء فيه واقع حال البلد من الناحية الأقتصادية والعمرانية للأسف هذا الخط البياني شهد مراحل أنحدار في تقدم الخطوات التي كان يجب لها أن ترتقي بواقع البلد أقتصادياً لمراحل أكبر مما هي عليه الأن.  لايختلف أثنين أن واقع حال البلد لايرضي الطموح من الناحية الخدمية والأقتصادية. مع وجود عدد من الأنجازات التي كان من الممكن أن تدعم بشكل أفضل وبمهنية أعلى ليكتب لها النجاح.  ماشهده العراق في السنوات الأولى ما بعد 2003 كانت مرحلة أنتقالية صعبة التاسيس بغياب الكفاءات المهنية التي تقود هذا الملف (أقصد الأقتصادي), بعدها شهد البلد تخبط كبير في أدارات الموؤسسات الخدمية والوزارات المتخصصة المهمة في البلد وغياب كبير عن التخطيط والعمل الأستيراتيجي المبني على أسس علمية هندسية مدروسة.
وهذا مايمكننا قرائته من خلال تحليلنا للموازنات العامة منذ عام 2005 – 2012 وكيفية أدارتها من قبل وزارات الدولة المتخصصة وكذلك أدارة الحكومات المحلية.  عندما تشهد هذه الموازنات نسبة لا تزيد عن 32 % نسبة أنجاز كمعدل عام لهذه السنوات ولجميع موؤسسات الدولة .. هذا مؤشر واضح على تذبذب وفشل هذه الأدارات في الأستفادة أو أستغلال هذه الموازنات والعمل فيها لأحداث نهضة تنموية أقتصادية.

* هل لك أن تؤطر لنا الأسباب التي تعتبر العائق في أن ينهض البلد أقتصادياً ويحول دون حدوث نهضة تنموية عمرانية على صعيد القطاعات العامة والخدمية؟
– أسمح لي أن أتكلم بكل حيادية وواقعية, ماشهده العراق ويشهده في المرحلة الحالية من معوقات ومشاكل في كل قطاع هو جملة من الأشكالات مرتبطة ببعضها بصورة معقدة الى حدً ما.  هناك عائق أساسي ومهم الا وهو المشاكل والصراعات السياسية التي يشهدها البلد وهذه بحد ذاتها تعتبر عاملاً فاعلأ وبشكل سلبي يحول دون على أقل التقديرات أستحداث برامج معالجة أقتصادية وأدارية لما يشهده البلد من تخبطات كبيرة في أدارة موؤسسات الدولة الخدمية والأقتصادية ونقصد هنا وزارات الدولة والموؤسسات العاملة معها.
يجب أن ندرك هنا بأن هذا التصارع السياسي, وما يشهده من ملفات فساد أداري ضمن عمل موؤسسات الدولة يعتبر غطاء وعائق كبير يحول دون عملية أصلاح أدارية حقيقة ممكن أن تعالج أو تبداء بوضع العلاجات لعمليات الهدر في المال العام والحد من مظاهر الفساد, والتخبط في أدارة موؤسسات الدولة المهمة. الصرعات السياسية غطت بظلالها على عدد من ملفات الفساد.  هناك عامل أخر وهو غياب كبير للكفاءات العلمية الأدارية التخصصية في أدارة شؤون الموؤسسات الخدمية وغيرها ضمن عمل الدولة العراقية.  لا نقصد بأن البلد يفتقر للكفاءات العلمية ولكن ما شهدناه بأن البلد بحاجة كبيرة وماسة للخبرات الدولية العالية القدرة على الأداء ومعالجة المشاكل التي يمر بها البلد.  هناك تردي كبير في نوعية أنجاز المشاريع بمختلف أنواعها وهذا دليل سؤ الأدارة القائمة على هذه المشاريع, لن نعمم بشكل كبيرة ولكن ما ذكرناه يُعد نسبة كبيرة جداً.  هناك مشكلة أخرى ومؤسف أن نراها ألا وهي فقدان الوعي والحس الأجتماعي والوطني لدى نسبة ليست قليلة من مجتمعنا العراقي والحرص على المال العام. وهذا ما شهدته الكثير من المشاريع التي نفذناها في العراق للسنوات الأخيرة.
هناك عوامل معطلة أخرى تحول دون العمل بشكل فاعل وايجابي لأحداث تنمية أقتصادية وعمرانية, وخدمية شاملة وهي مسألة التعامل مع القوانين الخاصة في عمل موؤسسات الدولة كافة, هناك عدم دراية أو سوء تعامل شهدت فترة ما بعد 2003 من تذبذب في الأداء في تطبيق القوانين والصلاحيات بين موؤسسات الدولة, عدم التناغم كان واضح في هذا المجال.  نضرب على سبيل المثال الأشكال في تضارب الصلاحيات والمهام بين مجلس محافظة بغداد وأمانة بغداد, الأشكالات في أستحصال الموافقات للمشاريع بين هيئات الأستثمار والحكومات المحلية من جهة ومع وزارات الدولة من جهة أخرى.  الى ما هنالك من جملة معوقات تتخلل معظم مرافق موؤسسات الدولة وسير عملها.

* كيف ننظر الى مستقبل العراق القريب والبعيد في تجاوز مثل هذه العقبات ؟ هل نمتلك الأمكانية في تجاوز هذه الأخفاقات للنهوض بواقع العراق أقتصادياً وعمرانياً؟, وهل من الممكن أن ننهض بواقع العراق وحاجته العمرانية الى مراحل متقدمة في المستقبل القريب (المرحلة القادمة)؟  

– في خضم واقع حال المرحلة الحالية للبلد نستدرك بأن هناك توجهات تسعى الى الأرتقاء بواقع البلد عمرانياً وخدمياً وأقتصادياً,  ما ييغيب هذه التوجهات ويقف حائلاً دون مضيها أو بروزها هو كما ذكرنا الملف السياسي الغير مستقر.. هناك جملة من الأصلاحات يجب أن توضع في حيز التطبيق لكي نبداء بداية موفقة وسليمة في أحداث تنمية أقتصادية وعمرانية.. نذكر أهمها الأصلاح الأداري وتحديد الصلاحيات لموؤسسات والهيئات العاملة في الدولة, وتحديد الصلاحيات الأدارية والتنفيذية يجب أن يشمل المناصب الأدارية والتنفيذية أيضاً. خطوة أخرى يجب أن يتم العمل بها وهي الأستعانة بالخبرات الدولية وبرامج مشاريع الأدارة الحديثة وتفعيلها ضمن عمل موؤسسات الدولة المختصة.
طرحنا في أكثر من مناسبة وفي عدد من اللقاءات, برنامج تأسيس (هيئة أعمار العراق)  على غرار (مجلس أعمار العراق ) الذي تأسس في عام 1950 الذي نتج عنه عدد من المشايع التنموية الأستيراتيجية التي لازالت موجودة بشكل فاعل في العراق منها (سد دربنديخان, مشروعي الثرثار والحبانية, جسر الأئمة, وجسر الجمهورية,  مستشفى مدينة الطب, وغيرها من المشاريع العملاقة). الدراسة التي تقدمنا بها لتأسيس (هيئة أعمار العراق) دراسة شاملة لكيفية تركيز الجهود على أدارة وتنفيذ المشاريع الأستيراتيجية ضمن خطة أستيراتيجية واضحة المعالم تستهدف القطاعات المهمة في البلد وضمن جدول أولولية للمشاريع الأستيراتيجية, أوضحنا في مشروعنا هذا حتى الهيكل الأداري والتنفيذي لهذه الهيئة وكيفية دراسة المشاريع وتنفيذها والأشراف عليها والتركيز على مسألة أدارة المشاريع مابعد التنفيذ, وكيفية أنشاء دائرة هندسية والأستعانة بالخبرات العالمية لخدمة هذا البرنامج الوطني بهذا التشكيل نضمن المهنية العالمية في التخطيط والتنفيذ والأشراف بأدوات عالية القدرة على الأداء والمهنية… يهمني أن أذكر أنه قبل فترة ليست بالبعيدة تم طرح مشروع قانون البنية التحتية (من قبل رئاسة الوزراء) وهو مشروع يهدف الى أستقطاب عدد من الشركات العالمية من دول أجنبية وغيرها لتنفيذ مشاريع أستيراتيجية ويتم تسديد مبالغها على شكل دفعات بعد الأنتهاء من العمل وتسليمها.  هذا المشروع واجهته حملة معارضة من البرلمان العراقي, وعدد من السياسين يمكننا أن نصنف هذه المعارضة الرافضة للمشروع الى (معارضة سياسية بأمتياز, ومعارضة رافضة لكيفية الأداء بداعي فتح باب أخر للفساد الداري والمالي وعدم كفاءة موؤسسات الدولة وأداراتها في متابعة أو الأشراف على مثل هكذا مشروع أستيراتيجي) .  كان من الممكن لهذا المشروع (قانون البنية التحتية) أن ينجح ويستمر لو تم العمل به ضمن عمل (هيئة أعمار العراق) ضامنين المهنية في التنفيذ والأشراف والمتابعة بل وحتى المقبولية الدولية من الشركات المهتمة في العمل داخل العراق. أعود بحديثي للسؤال المهم وهو (هل لدينا الأمكانية في العراق أن نحقق نهضة أقتصادية وتنموية شاملة) الجواب بكل تأكيد نعم أذا تحققت النوايا الصادقة في البناء وأعادة النظر بالمرحلة السابقة والأستعانة بدماء جديدة نقية في أدارة ملفات البلد الخدمية والأقتصادية والعمرانية.

* أنتخابات مجالس المحافظات قد أسدلت ستارتها قبل أيام, الأنتخابات البرلمانية بعدها بأشهر, وضع سياسي متذبذب وغير مستقر مصحوب بالكثير من الصرعات السياسية.. ما هو المتأمل في المرحلة القادمة ضمن مرحلة مليئة بالتغييرات على المستوى الأقتصادي والخدمي للبلد؟

– في علم الأقتصاد الحديث وأدارة الدولة توجد نظرية عامة ومهمة تتلخص (  بأن الأقتصاد هو الحصان الذي يجر عربة السياسة لأي دولة) هذه المعادلة وللأسف أصبحت شبه معكوسة على واقع حال البلد وما رأيناه في السنوات الأخيرة.  نحن هنا لسنا بصدد اللوم أو توجيه أتهامات.. القوى السياسية برمتها مشاركة في عملية أدارة الدولة, والكل مسؤول مسؤولية كاملة ضمن (مشروع المحاصصة في أدارة الدولة) ومتشارك لحد كبير في تدني مستويات أدارة الملف الأقتصادي والخدمي والعمراني للبلد.  نحن مع التوجه الذي تتوجه فيه عدد من القوى السياسية لبناء أدارة الدولة على أساس الأغلبية, ولكن لو تبنى هذا المشروع الكفاءة المهنية في أدارة ملفات البلد المهمة (الأقتصادي, والعمراني, والخدمي).. ويبنى هذا البرنامج على أساس الوعي التام للمرحلة السابقة والدروس الصعبة التي واجهت البلد من (ملفات فساد, أدارات متلكئة وغير قادرة, وتتخبط في التنفيذ, والهدر العام). العراق يمتلك عدد كبير من العوامل التي تمكنه من تخطي العقبات والقفز بواقع التنمية الأقتصادية والعمرانية والخدمية الشاملة. النمو الأقتصادي نقصد هنا الموازنات العامة, الكم الهائل من القوى العاملة التي يمتلكها البلد والتي تقدر ب 8.5 مليون شخص, حاجة السوق الدولية وبحثها عن فرص عمل ومشاريع في العراق, الموارد الطبيعية الغير مستغلة بشكل صحيح.. كل هذه عوامل يمكن لها أن تحدث نهضة أقتصادية شاملة لو تم أدارتها بعقول تمتلك المهنية العالمية والحرص الوطني. 
عودة لحديثنا عن مرحلة الأنتخابات .. نستقرء من الشارع العام والمواطن العراقي الوعي في تجربته الأنتخابية السابقة التي خاضها مع حداثتها, فأن المرحلة القادمة ستشهد نوع من التوجه نحو التغيير.. نحن نراهن على وعي الطبقة الشابة من المجتمع العراقي, الحس الوطني المتنامي لدى الكثيرين, نتائج المرحلة السابقة وقساوتها.. كلها عوامل من الممكن أن تحقق تغيير بأتجاه الأفضل.

كلمة أخيرة
حقيقة هي دعوة .. كلنا على دراية وعلم بما يدور بالعراق .. وما يحتاج العراق وندرك  الأسباب  .. أتمنى من الجميع أن يكون جزء من حل المشكلة لا  تعقيدها …
شكري الجزيل لجريدتكم ” وطن برس اونلاين ”  متنمنياً لكم التوفيق في رسالتكم النبيلة في خدمة الجاليات العربية والعراقية في المهجر.

المهندس (علي جبار الفريجي) – في سطور
•    ماجستير هندسة – بالعلوم الهندسية وأدارة المشاريع 2002 جامعة ديترويت ميرسي – أمريكا   

•    جامعة هارفارد – أكاديمية كنيدي للدراسات الحكومية والأدارة العليا –  شهادة تخصصية بأدارة الأزمات للموؤسسات الحكومية. 

•    أكاديمية أم أي تي (مساتشوسيس للعلوم ) كامبريدج – شهادة تخصصية في بناء وأدارة الموؤسسات الحكومية والغير حكومية. 

•    عضو الجمعية الأمريكية للمهندسين الميكانيكيين (ASME).
•    عضو أكاديمية الأعمال الدولية (AIB) / الولايات المتحدة الأمريكية.
•    عضو في الرابطة الدولية للمهندسين (IAENG) / هونغ كونغ / كندا.
•    عضوفي الجمعية الأمريكية لللأدارة و الأعمال “AMA”.
•    عضو الجمعية المتعمد من رجال الأعمال، والاقتصاد، “ISBEE”.
•    عضو في جمعية العلماء العراقيين – 2001 / ميشيغان الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة.

الوظائف التي عُينت فيها وشغلتها ، عملت كمدير برنامج  مع الوكالة الدولية للتنمية والتطوير (لعدد من البرامج والمشاريع التنموية والأدارية في العراق) كذلك في عدد من دول العالم (قطر, الأمارات, فيتنام, أفريقيا, و أوربا) 2003 – 2010. أعمل حالياً المدير التنفيذي الهندسي والمدير الأقليمي الأستشاري لأحدى الشركات الأجنبية لأدارة المشاريع الأقليمية في الشرق الأوسط, العراق, الأمارات, قطر, أفريقيا, امريكا.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى