Sliderالعراق

مصطفى الكاظمي..بعد سنة ونصف الحلقة 3 و الأخيرة

أ.د.قاسم حسين صالح

د. قاسم صالح حسين
كنّا استعرضنا في الحلقتين السابقتين نتائج استطلاعات لأداء الكاظمي بعد مئة يوم من توليه السلطة،ثم بعد سبعة اشهر،ونأتي الآن الى آخر استطلاع اجريناه في 28- 30/ 12/ 2021 شارك فيه اكاديميون واعلاميون وفنانون اليكم نماذج ممثلة لاجاباتهم:
• كان راعيا لرعيته رغم التحديات،لكن في بعض الامور ما كان اخفاقا منه بل ضغوطات دولية وحزبية من مافيات لم يستطع مواجهتها.
• رئيس وزراء على الفيسبوك فقط، وناجح اعلاميا، لان الماكنات الاعلامية أرادت له ان ينجح.
• يحسب له انه انجز انتخابات نزيهة تعرّض على اثرها للتجريح والاعتداء والتشكيك- لم ينجح في تقديم قتلة المتظاهرين بسبب ضغوط هائلة مورست ضده من حملة السلاح المنفلت – وافقه الحظ في انقاذ خزينة الدولة من الانهيار عندما ارتفعت اسعار النفط – كان ودودا في مواقف تستلزم الحزم – لم تتحسن حالة المواطن المعيشية بسبب اجراءات ترقيعية- يتحمل جزء من المسؤولية في خفض قيمة الدينار امام العملات الصعبة مما اثقل كاهل المواطن البسيط – يبقى هو افضل من الذين سبقوه في هذا الموقع.
• ضعيف امام الاحزاب والمليشيات،وبان ضعف الدولة معه اكثر، وشعرنا نحن كشعب ان الدولة هي التيار الفلاني والحزب الفلاني.
• يريد..لكنه لا يستطيع.يخضع لاجندات الكتل الكبيرة وهذا حال رئيس وزراء ياتي من رحم توافقات بين احزاب لا تريد خيرا للعراق.الرجل مقيد من قبل الاحزاب ومليشياتها
• الامور الداخلية: محاربة الفساد على استحياء – عدم المساس بالسلاح المنفلت حتى عندما هددوه شخصيا – اسوأ خطوة بتخفيض الدينار( 25-30% )من رواتب الموظفين والمتقاعدين واضعاف قدرة المواطنين الشرائية – محاربة المخدرات بشكل فعال – بدأ بخطوة السيطرة على المنافذ الحدودية والموانيء ولم يكملها فعادت كما كانت – اجراء انتخابات ناجحة نسبيا افضل مما سبق.
الامور الخارجية: اصلاح العلاقات مع الدول العربية – جمع السعودية وايران في مفاوضات خففت من التوتر بينهما وتاثيره على العراق- الاتفاق على الربط الكهربائي ولم يتم انجاز شيء عمليا ولا زالت ايران تتحكم بتزويدنا بالغاز- اكمل انسحاب القوات القتالية الامريكية وحكومته افضل من الحكومات السابقة-ابعد العراق عن ان يكون ساحة حرب بين ايران وامريكا او بين ايران واسرائيل.
• سلّم ميناء الفاو الكبير الذي هو ضمانة لمستقبل الشعب العراقي،وفرّط بامتيازات اتفاقية الصين.
• في اجتماعه الاخير بمجلس الوزراء استعرض الكاظمي منجزات حكومته باضافة 12 مليار دولار الى احتياطي البنك المركزي العراقي ، وتعزيز دور العراق الاقليمي والعربي والدولي ، وتجاوز جائحة كورونا بتوفير اللقاحات.
قالوا في الكاظمي
هناك من يرى أن حكومة الكاظمي( أخفقت في الوفاء بوعودها في عموم الملفات – الجزيرة) مع انها كانت وليدة مظاهرات شعبية عارمة أطاحت بحكومة عادل عبد المهدي، ويفترض بها أن تكون هي الأفضل، فيما واقع الملفين الأمني والخدمي شاهدين على إخفاقها. و اشار تقرير صحيفة العالَم الجديد،الى ان وعود الكاظمي كانت (41) وعدا تتعلق بملفات سياسية وامنية واقتصادية،حقق منها ثلاثة بشكل كامل واربعة بشكل جزئي واخفق في تحقيق (34) وعدا تشكل (83%).
ويرى محللون أن الكاظمي احدث أكثر من نقلة في اكثر من مجال،وتمكن من اقامة علاقات مع رؤساء دول،وتميز بنشاط دبلوماسي مكثف جعل العراق نقطة انطلاق وأبعده عن مصادر الصراع وسياسات المحاور،وقيامه باصلاحات جدية لواقع الأقتصاد..فيما يرى آخرون أن الرجل ينتمي إلى منظومة الحكم، بوصفه رئيس جهاز مخابرات وصحافي يعرف خفايا عقود الصفقات،وأن قبوله بالمنصب لم يكن على أساس اشتراطاته في إدارة فترة حرجة وإنما وفقاً لاشتراطات المنظومة السياسية التي أنتجت الخراب والفوضى،وكانت تبحث عن شخصية تؤمّن بقاءها فوجدتها فيه.
ونختم اهم ما قيل عنه بأن حكومة الكاظمي جاءت بتوافق سياسي من أجل تحقيق ثلاث مهمات،أولها حصر السلاح بيد الدولة،وثانيها إجراء الإصلاحات الاقتصادية اللازمة من لإنعاش الوضع المعيشي للمواطنين،وثالثها إقامة الانتخابات المبكرة..وباستثناء (ثالثتها) فأنه اخفق في الأولى والثانية.
استنتاجات
بدءا،نشير الى ثلاث حقائق سايكولوجية في الواقع السياسي العراقي،
الأولى: ان العراقيين لا يرضون عن اية حكومة عراقية،
الثانية: ان الحكومات العراقية تريد من الناس ان تمتدحها ولا تحب من ينتقدها،
والثالثة:ان سيكولوجيا السلطة في العراق علمت الحاكم ان يحيط نفسه بأشخاص يقولون له ما يحب ان يسمعه.
العراقيون والكاظمي
توزع العراقيون في مواقفهم من الكاظمي على ثلاثة:
فريق يرى ان حكومات ما بعد 2003 نهبت المليارات وافقرت العراقيين وقتلت المئات وجرحت وعوقت الآلاف في وثبة تشرين 2019. وانهم لكثرة ما عانوه من فواجع وخيبات ارادوا من الكاظمي ان يكون نيلسون منديلا العراق..لكنه خيّب ظنهم فيه.
والثاني: يرى ان الرجل فعل ما استطاع ان يفعله ،ومع انه لم يتحرش بالحيتان ولا بقادة المليشيات،فانهم استهدفوه في بيته لتصفيته.
والثالث:يرى انه فرّط بفرصة تأييد المرجعية ودعم ملايين العراقيين له كانت ستجعل منه بطلا مخلصّا ،لكنه اضاعها..واضاع معها فرصة تخليص العراق من افشل وافسد احزاب انهت حكمها قادة وشعوب مصر وتونس والجزائر والمغرب..وبقت تحكم وتنهب في العراق فقط!
وشخصيا،ينفرد الكاظمي بميزتين عن سابقيه من رؤساء الوزراء:انه يتمتع بنشاط استثنائي،فهو استطاع في يومين ان يكون في اربيل ودهوك ومعبر ابراهيم الخليل والسليمانية ليعود الى بغداد ومنها الى ميسان.وهو الوحيد الذي يلتقى بالناس في اماكن عامة بدون فوج حمايات ولم يحصر نفسه في الخضراء المحصنة.
وبمعرفتي له عن قرب ومتابعتنا لأدائه فان شخصية الكاظمي ليست عدوانية ،وانه عمل بكل الوسائل لتفادي حصول فتنة تسفك الدماء،ارقاها انه احتوى غضبه وسكت عن حقه ضد الذين استهدفوا تصفيته برغم انه يعرفهم.
وللتاريخ،فان شباب تشرين كانوا ضده حين تولى المسؤولية،فقمت ،بدعوة منه، بدور الوسيط بينه وبين عدد من تنسيقيات الأحتجاجات مهدت الى ان يلتقي بهم في ساحات التحرير لتتغير مواقف احتوت الفتنة.
والرجل يتمتع بشجاعة اثبتتها اجراءاته (الأيلولية) باعتقال فاسدين ينتمون الى احزاب السلطة وفصائل مسلحة ،ويدرك ان الحيتان يدبرون له امرا لأسقاطه سياسيا او اغتياله،بعد ان اصبحوا على يقين بأن لديه طموح ان يكون قائدا وطنيا جماهيريا،وأنه يهدف الى انهاء استفراد احزاب الاسلام السياسي بالسلطة والثروة لتحقيق هدف العراقيين والمرجعية في اقامة دولة مؤسسات مدنية حديثة..لكنه خشي ان يذهب ابعد ليكون حاكما ثوريا كما اراد له العراقيون ،لأنه لا يمتلك هذه القدرة ويفضل عليها الحكمة كما يراها هو في تقديره لقوى اللادولة.
ويحسب له انه حقق افضل انتخابات بعد 2003خسرت فيها قوى موالية لأيران ولم يضعف امام تهديداتها. ومع ذلك فان الكاظمي كان عليه ان يكون اجرأ لاسيما في استعادة مليارات نهبت تكفي لبناء دولة خرجت من حرب كارثية،وكشف قتلة المتظاهرين،وان يكون أقوى في تحقيق سلطة القانون وفرض الأمن وتحجيم دور المليشيات والفصائل المسلحة..لكن الكاظمي كان يأخذ برأي (عرّابه) في السياسة،صاحب مجلة الأسبوعية سابقا ورئيس الجمهورية الحالي.
على أن أكبر مأخذ يسجل عليه انه لم يهتم بالشؤون الخدمية للناس واعمار المدن قدر اهتمامه بالشؤون السياسية.فالعاصمة بغداد اصبحت في زمن حكم احزاب الأسلام السياسي من اسوأ عواصم العالم،لدرجة ان شارع الرشيد الذي كنّا نقطعه مشيا من باب المعظم الى الباب شرقي لنستمتع به، تحول الى شارع مهجور تجوب فيه الستوتات بدل السيارات الحمراء(أم قاطين!)، وتحولت شوارع مدينة البصرة الى انهار في (3/1/2022) تبحر فيها قوارب المتسوقين! مع انها من اغنى مدن العالم.
ومع كل ذلك تبقى حقيقتان،
الأولى: يعدّ الكاظمي اول حاكم يكشف عن ذمته المالية،فيما الآخرون الذين كانوا حفاة اصبحوا حين وصلوا الخضراء يمتلكون المليارات من السرقات.
والثانية:ان العراقيين سيلعنون كل من حكم العراق بعد 2003،الا مصطفى الكاظمي..فأنهم ان لم يعذروه..فلن يلعنوه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى