Sliderالعراق

( أين بُنانا التحتية ؟!)

عبدالسادة البصري / العراق

ذات يوم ذهبت لمشاهدة مسرحية من المسرحيات المشاركة في احد المهرجانات التي أقامتها نقابة الفنانين في البصرة لفرق الاقضية والنواحي قبل سنتين ، كان موعد العرض الساعة السادسة عصراً ، وصلت قاعة عتبة بن غزوان ــ مكان العرض ــ الساعة الخامسة والنصف وجدتها مظلمة والحاضرين من الفنانين والأدباء يقفون خارجها على الرصيف نتيجة انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع درجات الحرارة ، انتظرنا دقائق وأخرى ، اتصل أكثر من واحد من القائمين على إدارة المهرجان بدائرة الكهرباء فتبين أن هناك (( كيبل )) مقطوع وجاري إصلاحه ، مرّت الدقائق وتململ الحاضرون كثيراً ومنهم من عاد أدراجه الى المقهى  ، جرى حديث هنا وآخر هناك :ــ

عبد السادة البصري

ــ بشرفكم هاي قاعة تصلح للعروض المسرحية ؟!

ــ يمعودين شلون راح تنهض الثقافة والمسرح ونحن لا نمتلك بنى تحتية بيها خير ؟!

ــ اي هسه ما معقولة القاعة حتى ما بيها مولّدة كبيرة تستوعب أجهزتها الكهربائية ؟!

ــ لا يابه موجودة المولدة بس ما بيها كاز !!!

ــ لا قاعات جيدة للمسرح ، لا للشعر ، لا للمعارض التشكيلية ، لا للعروض الفنية الأخرى ….الخ  !!!

أحاديث  كثيرة قيلت بهذا الصدد بانتظار رحمة الكهرباء والمولّدة ليبدأ العرض بعد ساعة  .

في هذه اللحظة تذكرت زيارتنا  الى السعودية عام 2009 كوفد ثقافي ،حيث أطلعونا على بناهم التحتية للثقافة من قاعات عروض سينمائية ومسرحية وقبة فلكية منها مسرح في الرياض  يسع ( 3000) مشاهد بني بطريقة حديثة خشبته تتكون آليا من أكثر من ديكور ( للعرض المسرحي ، للشعر، للمؤتمرات الأخرى ، وللسينما ) كلها تتحرك آليا تختفي واحدة وتظهر أخرى حسب نوع النشاط الثقافي ،ومثله كان في جدة وآخر في مدينة ثالثة، رغم أن السعودية لا تمتلك من المواهب الإبداعية في المجالات كافة مثلما يمتلكها مبدعونا ، وليس لها عمق تاريخي وحضاري وثقافي كالذي نحمله إرثاً أثقل كاهلنا !!

ومنذ تلك اللحظة لم أذهب الى أي عرض مسرحي لأن الوضع كما هو عليه!!

كل الجوانب الإبداعية في عراقنا تحتاج الى بنى تحتية تليق بها ،فالعمق التاريخي والحضاري  والمستوى الثقافي العالي الذي يمتلكه المبدعون العراقيون يحتاج الى التفكير الجدّي والعميق والشعور الحقيقي بالمسؤولية التاريخية للقيام بتهيئة بنى تحتية للثقافة  وبالمستوى المطلوب .

إننا نحتاج الى مسارح حديثة وقاعات للمعارض التشكيلية ( كاليريات) و للموسيقى ( أوبرا) وللمهرجانات الشعرية وغيرها، و معارض للكتب بشكل دائم.

سمعنا بقصور الثقافة وتصاميمها المدهشة لكننا لم نشاهد أحدا وضع حجر أساسها ،وسمعنا بقاعات هنا وهناك دون أن نراها مشيدة .

مثلما نحتاج الى مؤسسات صحية وتربوية وخدمية  وغيرها كذلك نحتاج الى بنى تحتية للثقافة والفنون والآداب ، لأنها مدونة وذاكرة التاريخ والحضارة التي ستبقى ماثلة للعيان أبد الدهر .


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى